إلّا أن يدّعي (١)
______________________________________________________
ثانيتهما : إناطة منصب القضاء في المقبولة بمعرفة الأحكام فعلا.
(١) هذا شروع في إثبات نفوذ حكم المجتهد الانسدادي على الحكومة بأحد وجهين :
الأوّل : الإجماع المركب ، بمعنى أنّ الفقهاء بين من يقول بنفوذ حكم المجتهد مطلقا سواء أكان انفتاحيا أم انسداديّا ، وبين من ينكر نفوذ حكمه أيضا مطلقا بلا تفصيل بين الانفتاحي والانسدادي. وعليه فالمجتهد الانسدادي على الحكومة وإن لم يكن عارفا بالأحكام حتى يشمله قوله عليهالسلام : «وعرف أحكامنا» إلّا أنّ حكمه في المرافعات نافذ ببركة عدم القول بالفصل ، إذ إنكار نفوذ حكمه مخالفة للإجماع المركب ، وهي كمخالفة الإجماع البسيط ممنوعة ، لكونها طرحا للدليل بلا مجوّز.
ولكن ردّه المصنف بأنّ دعوى عدم القول الفصل وإن لم تكن بعيدة ، لإمكان تحققها ، إلّا أنّ الحجة على الحكم هو الإجماع البسيط وهو هنا القول بعدم الفصل ، فلو كان اختلاف الأصحاب على قولين كاشفا عن نفي القول الثالث كان حجة ، لأوله إلى الإجماع البسيط أعني نفي القول الثالث ، وأمّا إذا لم يكن اختلافهم على قولين كاشفا عن الإجماع على نفي القول الثالث ، فلا عبرة به ، لعدم ثبوت هذا الإجماع ـ الّذي هو الحجة ـ بمجرّد عدم الفصل في كلماتهم ، وعليه فلا يمكن تصحيح قضاء الانسدادي بهذا الوجه.
الوجه الثاني لنفوذ حكم الانسدادي هو : إدراجه في موضوع منصب القضاء ، وجعله فردا عرفيّا لقوله عليهالسلام : «وعرف أحكامنا». وتقريبه : أنّ «أحكامنا» وإن كان جمعا مضافا ظاهرا في العموم واستغراق جميع الأحكام الشرعيّة كما تقدم بيانه ، إلّا أنّ العارف بجملة معتدّ بها منها يصدق عليه أيضا أنّه عارف بالأحكام ، لا «أنّه عارف ببعض الأحكام» فان هذا الخطاب كسائر الخطابات الشرعية ملقاة إلى العرف ، وهم المخاطبون بها ، ومن المعلوم أنّ العارف بجملة وافية من الأحكام ـ مع كثرتها وسعتها ـ عارف بنظرهم بأحكامهم عليهمالسلام. والمجتهد الانسدادي على الحكومة وإن كان باب العلمي منسدّا عليه ، إلّا أنّه يعرف كثيرا من الأحكام ، وهي موارد الإجماعات المسلّمة والأخبار المتواترة وأخبار الآحاد المحفوفة بالقرائن القطعية وغيرها ، فإذا صدق عليه «راوي الحديث ، والعارف بالأحكام» ثبتت له ولاية الحكم ، فينفذ قضاؤه وإن انسدّ عليه باب العلم بمعظم