لعدم (١) كونها ناظرة إلى
______________________________________________________
للحكم الثابت بالدليل الآخر عن بعض أفراد موضوعه ، نظير ارتفاع حكم الشك الثابت بدليله ـ كالبناء على الثلاث أو الأربع مثلا ـ بما دل على أنه «لا شك لكثير الشك» أو «مع حفظ الإمام» أو «بعد المحل». ففي المقام إذا كان مقتضى الاستصحاب حلية شيء وقام خبر الثقة مثلا على حرمته كان هذا الخبر حاكما على استصحاب الحلية أي مخرجا له عن الحلية وموجبا لنقض اليقين باليقين أي بالحجة ، لا بالشك.
وبالجملة : فالدليل الحاكم يرفع تعبدا الشك الّذي هو موضوع الاستصحاب وغيره من الأصول الشرعية. وهذا الكلام ظاهر في إرادة حكومة نفس الأمارة على أدلة الأصول ، لا حكومة دليل اعتبارها على أدلة الأصول ، والمصنف ناقش في حكومة كل من الأمارة ودليل اعتبارها بما سيأتي.
(١) أي : لعدم كون الأمارات ناظرة ، وهذا تعليل لنفي الحكومة التي ادعاها الشيخ الأعظم «قده» وحاصله : عدم انطباق الضابط المذكور في كلامه للحكومة على المقام. وينبغي بيان منشأ نزاع المصنف والشيخ في حكومة أحد الدليلين على الآخر ، فانه قد تكرر من الماتن مناقشة كلام الشيخ في حكومة قاعدة «لا ضرر» على أدلة الأحكام الأولية ، وكذا في حكومة الأمارة على الاستصحاب ، وحكومته على مثل أصالتي الحل والبراءة ، وألجأته هذه المناقشة إلى اختيار الجمع بوجه آخر من التوفيق العرفي أو الورود.
وقد بيّن المصنف مرامه في مواضع من حاشية الرسائل مختصرا وفي الفوائد مفصّلا (١) ، ومحصل ما أفاده فيهما هو : أن ما اعتبره شيخنا الأعظم في تفسير الحكومة من «كون أحد الدليلين متعرضا بمدلوله اللفظي لحال الدليل الآخر» متين جدا ، فلا يكون أحد الدليلين حاكما على الدليل الآخر ما لم يكن تفسير مدلول الدليل المحكوم وتبيين كمية موضوعه مدلولا لفظيا للدليل الحاكم ، فإذا لم يكن هذا النحو الخاصّ من التفسير والشرح لم ينطبق ضابط الحكومة على هذين الدليلين ، بل كان بينهما تعارض يقتضي رعاية حكمه من التخيير أو الترجيح أو تقديم أحدهما بمناط آخر كالتوفيق العرفي ، ولا يكفي في الحكومة دلالة الدليل الحاكم على أمر واقعي ينطبق على موضوع الدليل المحكوم عقلا ، لكن بدون النّظر والشرح والتفسير بالدلالة اللفظية.
__________________
(١) لاحظ حاشية الرسائل ، ص ١٦٩ و ٢٣٥ و ٢٥٦ ، والفوائد المطبوعة مع الحاشية ، ص ٣٢٤ و ٣٢٥