.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
ورواها الشيخ ـ كما في الوسائل ـ بلفظ «من قضايانا» وعلى كلّ منهما فإمّا أن تكون حرف الجر للتبعيض أو للبيان ، والاستدلال بها على كفاية الاجتهاد في باب القضاء للتصدي لهذا المنصب الشامخ منوط بدلالة الرواية على كفاية معرفة جملة من أحكام القضاء ، إمّا بأن يقال في مدلولها : «يعلم شيئا هو قضاؤنا» أي يعلم خصوص ما ورد عنهم عليهمالسلام في باب القضاء من موازين الحكم. وإمّا أن يقال : «يعلم شيئا من طبيعة قضائهم عليهمالسلام ويكون حرف الجر للتبعيض بناء على صحته في المقام ، لعدم كون الأفراد أبعاض الطبيعة.
وعلى كل منهما يكفي كون القاضي مجتهدا في باب القضاء ، وحيث إنّ منصب القضاء هو منصب الفتوى أمكن القول بجواز العمل بفتوى المتجزّي.
أقول : لا بد من ملاحظة مدلول الرواية بناء على كلتا النسختين ، فبناء على نسخة الكافي «من قضائنا» قد يتجه ما تقدم من نفوذ قضاء المتجزّي في كتاب القضاء ، نعم لا تصدق معرفة طبيعة قضائهم عليهمالسلام على معرفة مسألة أو مسألتين مثلا ، كما أنّ العارف بمسألتين من علم النحو أو الطب لا يصدق عليه أنه نحوي أو طبيب ، بل ظاهره معرفة جميع الأحكام.
وبناء على نسخة التهذيب «من قضايانا» فقد يشكل الأمر ، لأنّ الجمع المضاف من ألفاظ العموم ، فتعتبر معرفة جميع الأحكام بحيث يصدق الاستغراق العرفي ، ويتحد هذا المضمون مع مثل المقبولة الظاهرة في اعتبار الفقاهة والاجتهاد المطلق. ولا يجدي كون حرف الجر للتبعيض ، فان بعض الكثير كثيرا أيضا ، فإنّ علومهم عليهمالسلام بحار ليس لها ساحل ولا يحيط بها بشر ، فلا بد من كون بعضها كثيرا أيضا ، فإنّ القطرة وإن كانت بعض البحر حقيقة ، إذ كل جزء من أجزاء المركب بعضه وإن كان قليلا ، إلّا أن صحة النسبة البعضية عرفا أمر آخر غير الصدق اللغوي والدقي العقلي ، فهي متقومة بكون البعض كثيرا في نفسه وبالنسبة إلينا ، وقد حكي أنه قيل لصاحب الجواهر أعلى الله مقامه الشريف عند احتضاره وانكشاف الغطاء عنه : «عنده شيء من علم جعفر عليهالسلام مع أنّه من أعاظم الفقهاء وأعمدتهم وممّن وفقه الله تعالى لتحرير دورة كاملة من أمّهات المباحث الفقهية. وعلى هذا الاحتمال تكون معتبرة أبي خديجة موافقة للمقبولة ونحوها.
إلّا أنّه قد يعوّل على نقل الكليني باعتبار أضبطيته في مقام النقل ، وتقع المعارضة بينها وبين سائر الأدلة اللفظية ، إذ الأحكام الواصلة عنهم عليهمالسلام في باب الخصومات ليست بكثيرة في نفسها.
هذا بعض الكلام في الجهة الأولى.