وعمدة ما يحتاج إليه هو علم الأصول (١) ، ضرورة أنّه ما من مسألة إلّا ويحتاج في استنباط حكمها إلى قاعدة أو قواعد برهن عليها في
______________________________________________________
يقدر على معرفته بالرجوع إلى كتب التفسير. ووجه الحاجة إلى معرفة التفسير في الجملة هو معرفة آيات الأحكام التي هي خمس مائة آية على ما قيل ، وقد صنّف غير واحد من الأصحاب كتبا في هذا الموضوع. ولا بد للفقيه من مراجعة هذه الآيات وما ورد فيها من تخصيص وتقييد وبيان كي لا يتسرّع إلى الأخذ بظاهر الآية أو بظاهر الرواية التي قد تخالف الآية بوجه من الوجوه.
(١) لا ريب في ما أفاده «قده». ولا يخفى أن توقف استنباط الأحكام الفرعية على علم الأصول أشدّ بكثير من توقفه على سائر العلوم ، فإنّ ملكة الاجتهاد لا تحصل إلّا بإتقان مسائل هذا العلم وصيرورته ذا رأي في أكثر مسائله. ووجه الحاجة إليه في الاستنباط الفعلي هو ما أشار إليه في المتن من ابتناء أكثر المسائل الفقهية عليه ، فإنّ أكثر الفقه يستنبط من أخبار الآحاد ، وبعضها من ظواهر الكتاب والإجماع والأخبار المتواترة. ولا بد من علم الأصول في إثبات حجية خبر الثقة أو العدل أو الموثوق به ، وكذا ظهور الكتاب بل مطلق الألفاظ ، لأنّه متكفل لإثبات الحجية. وكذا نحتاج إليه في مسألة تعارض الروايات لأجل العلاج وإثبات حجية واحد من المتعارضين تعيينا أو تخييرا.
وكذا في مسألة حجية الاستصحاب والإجماع وحكم تعارض الاستصحابين وتشخيص سببية أحد الشكين للآخر ، وحكومة أصله على الأصل الجاري في الشك المسببي ، وجريانه في التدريجات.
وكذا مباحث الاستلزامات كمسألة وجود التلازم بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها وعدمه ، واقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضد ، وجواز الترتب في تزاحم الضدين وعدمه ، وجواز اجتماع الأمر والنهي في واحد ذي عنوانين. وكذا يحتاج إلى علم الأصول لمعرفة ما يحقّق صغرى الظهور كباب المفاهيم والعام والخاصّ والمطلق والمقيد ، إلى غير ذلك من المسائل الأصولية المحتاج إليها في استنباط الأحكام الفرعية. ومع هذه الحاجة الشديدة إلى علم الأصول أورد أصحابنا المحدثون على الاحتياج إلى هذا العلم وجوها ضعيفة وشكوكا واهية تعرض في المتن لبعضها مع اندفاعه.