فصل (١)
اتفقت الكلمة على التخطئة في
______________________________________________________
التخطئة والتصويب
(١) الغرض من عقد هذا الفصل التعرض لما نسب إلى جماعة من المخالفين من القول بأنّ كل مجتهد مصيب ، وأنّه لا حكم في الواقع سوى ما يؤدي إليه رأي المجتهد ، ثم المناقشة فيه وإثبات التخطئة. وقبل الخوض في المقصود نبّه على أمر متسالم عليه وهو التخطئة في العقليات ، وسيأتي بيانه. ولا بأس بالإشارة أوّلا إلى محل النزاع وموارد البحث والخلاف في مسألة التخطئة والتصويب ، فنقول :
تقدم في الفصل الأوّل من مباحث الاجتهاد أن جماعة من العامة عرّفوه بأنّه «استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي» وإن ورد هذا التعريف في كلمات جمع من أصحابنا ، كما سبق توضيحه ، إلّا أنّ الفارق بيننا وبينهم في مدارك الأحكام وما يوجب الظن بها ، فأصحابنا يستندون إلى الكتاب والسنة ، وأولئك يستندون إليها وإلى طرق ظنية أخرى. وفرّقوا بين الظن الحاصل من الكتاب والسنة ، وغيره ، فقالوا بالتخطئة في الأوّل كما التزموا بها في العقليات ، واختلفوا في الظن بالحكم المستند إلى مثل القياس فقال جمع منهم بالتخطئة وآخرون بالتصويب.
قال الآمدي : «المسألة الظنية من الفقهيات إمّا أن يكون فيها نصّ أولا يكون. فإن لم يكن فيها نصّ ، فقد اختلفوا فيها ، فقال قوم : كل مجتهد فيها مصيب ، وأن حكم الله فيها لا يكون واحدا ، بل هو تابع الظنّ المجتهد ، فحكم الله في حق كل مجتهد ما أدّى إليه