.................................................................................................
______________________________________________________
في حقه أزلا هو المطابق لما أدّى إليه ظنه.
وأورد المصنف على التصويب بهذا المعنى ـ على فرض إرادته ـ بأنّه وإن كان معقولا في نفسه ، لكن لا سبيل للالتزام به ، لوجهين :
أحدهما : تواتر الأخبار على أنّ له تبارك وتعالى في كل واقعة حكما واحدا يشترك فيه الكل ، سواء أدّى إليه اجتهاد المجتهد أم لا ، وليس للواقعة الواحدة أحكام متعددة حتى يتجه التصويب بهذا المعنى. ومن المعلوم أن الخبر المتواتر يفيد العلم بالواقع.
والظاهر ان مقصود المصنف وغيره ممن ادّعى هذا التواتر هو أخبار الوقوف والاحتياط الدالة على وجود حكم واقعي لكل مسألة ، وأنّ الأمر بالاحتياط إنما هو لأجل التحفظ عليه وعدم الابتلاء بمخالفته.
ثانيهما : إجماع أصحابنا على وحدة الحكم الواقعي المشترك بين الكل ، والإجماع حجة. وعليه فلو أريد بالتصويب الاحتمال الأوّل كان ممكنا ثبوتا وباطلا إثباتا ، لوجهين.
الثاني : أن يكون معنى التصويب الالتزام بإنشاء أحكام على طبق الآراء بعد أن أدّت إليها الاجتهادات ، ففتاوى المجتهدين مطابقة لتلك الإنشاءات. ومرجع هذا الوجه إلى كون رأي المجتهد موضوعا لحدوث حكم واقعا ، فلا حكم في الواقع غير ما أدّت إليه الأمارة القائمة عند المجتهد ، فالأحكام تابعة لآراء المجتهدين ، ولا حكم قبل حدوث الرّأي لهم.
والفرق بين هذا التصويب الأشعري وبين سابقه هو : أنّ الإنشاءات في الأوّل تكون قبل الاجتهادات ، وفي الثاني تكون بعدها.
وردّه المصنف بأنّه غير معقول ، لاستلزامه الدور ، وهو توقف الإنشاء على الاجتهاد ، وتوقف الاجتهاد عليه. أمّا توقفه على الاجتهاد فلأنّ المفروض ترتب الإنشاءات الواقعية على اجتهادات المجتهدين ، وكون اجتهاداتهم بالنسبة إلى الإنشاءات الواقعية كالموضوع بالنسبة إلى الحكم في الترتب. وأمّا توقف الاجتهاد على تلك الأحكام الإنشائية فلأنّ الاجتهاد عبارة عن استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي ، ومن المعلوم تأخر الظن ـ كالعلم ـ عما يتعلّق به تأخّر العرض عن معروضه ، فالاجتهاد المؤدّي إلى الظن