غايته (١) المعذوريّة في المخالفة عقلا.
وكذلك (٢) فيما كان هناك طريق معتبر شرعا عليه بحسبه (٣) ، وقد ظهر
______________________________________________________
(١) أي : غاية ما في القطع هو المعذورية العقلية في المخالفة من دون حكم ظاهري فيه أصلا.
(٢) معطوف على قوله : «فيما كان بحسب» يعني : وكذلك لا بدّ من معاملة البطلان فيما إذا ثبت الاجتهاد السابق بأمارة معتبرة ثم تبيّن خطاؤها. وهذا إشارة إلى الصورة الثانية من صور تبدل الرّأي ، وبيانه : أنّ الاجتهاد الأوّل إذا كان موجبا للظن بالحكم الشرعي ـ الناشئ من أمارات معتبرة غير علمية ـ فمقتضاه كالصورة الأولى هو بطلان الأعمال السابقة ، لكن لا على جميع المباني في حجية الأمارات ، بل بناء على مبنيين :
أحدهما : حجيتها من باب الطريقية الصرفة بلا جعل حكم تكليفي في موردها.
وثانيهما : حجيتها من باب الطريقية مع الالتزام بجعل أحكام طريقية لها.
فبناء على كل من هذين المسلكين في حجية الأمارات تشترك الأمارة غير العلميّة مع القطع في بطلان الأعمال السابقة ـ في غير العبادات التي قامت أدلة على الإجزاء فيها ـ والوجه في البطلان أمّا بناء على الطريقية المحضة فلوضوح عدم حكم تكليفي ظاهري مماثل للواقع حتى يندرج في إجزاء الأمر الظاهري عن الواقعي. وأمّا بناء على جعل أحكام طريقية فلأنّ الحكم الطريقي الناشئ عن مصلحة في سلوك الأمارة لا يمسّ كرامة الواقع ولا يجبر مصلحته ، فالواقع باق على حاله وتجب موافقته بعد خطأ الاجتهاد الأوّل.
ولا فرق في الحكم ببطلان الأعمال السابقة بين تعلق الاجتهاد الأوّل بنفس الحكم كوجوب صلاة الجمعة تخييرا ثم رجوعه إلى وجوبها تعيينا ، وبين تعلقه بمتعلق الحكم ، كما إذا أفتى بكون الصلاة مركّبة من تسعة أجزاء ثم رجع إلى أنّها عشرة أجزاء مثلا.
والوجه في عدم الفرق بينهما هو : وحدة كيفية اعتبار الأمارة على الحكم ومتعلقه ، إذ بناء على الطريقية المحضة في الأمارات لا حكم أصلا إلّا الحكم الواقعي ، ولا موضوع إلّا ما هو الموضوع واقعا ، من غير تبدّل فيهما بقيام الأمارة على الخلاف.
(٣) أي : بحسب الاجتهاد الأوّل ، وضميرا «عليه ، خلافه» راجعان إلى الحكم.