وأمّا بناء (١) على اعتبارها (٢) من باب السببية والموضوعية فلا محيص عن
______________________________________________________
(١) معطوف على قوله : «بناء على ما هو التحقيق» والأولى حذف «أما».
(٢) أي : اعتبار الأمارات ، وهذا إشارة إلى الصورة الثالثة من صور مسألة اضمحلال
__________________
يتجه ترتيب آثار الصحة على الأعمال السابقة المطابقة للرأي المعدول عنه.
وأمّا قياس تبدل الاجتهاد بباب النسخ فليس بشيء ، لكونه مع الفارق ، إذ في النسخ يرتفع الحكم الواقعي المنسوخ من حين ورود الناسخ ، ولا يمسّ كرامة حال قبل وروده ، فامتثال الحكم المنسوخ قبل زمان الناسخ إطاعة لما هو حكمه واقعا لا ظاهرا ، ومن حين ورود ، الناسخ تتبدل الوظيفة الواقعية بغيرها. ولا يجري هذا الكلام في تبدل الاجتهاد ، فلو أفتى باعتبار خمس عشرة رضعة في نشر التحريم ، وتزوج امرأة ارتضعت معه عشر رضعات ، ثم رجع إلى نشر الحرمة بعشر رضعات ، لزم ترتيب آثار البطلان من حين وقوع العقد لا من حين العدول.
وكذا الحال في العقد بالفارسي ، فإنّ العقد وإن لم يكن له بقاء ، إلّا أنّ نفس العدول عنه إلى اعتبار العربية يوجب الحكم ببطلان ما بنى عليه ، إلّا مع قيام الدليل على الإجزاء ، ولذا لم يظهر الفارق بين العقد الفارسي وبين العقد على المرتضعة بعشر رضعات في الحكم بإجزاء الأوّل دون الثاني ، فان العقد وإن تصرّم ، إلّا أنّ المعقود عليه بذلك العقد الفاسد باق حسب الفرض ، فهو كالمرتضعة بعشر رضعات في الحكم.
وأمّا الثاني وهو لزوم العسر والحرج فقد تقدم جوابه في المتن بأنّه أخص من المدعى.
وأمّا الثالث وهو وثوق المقلّد في مقام العمل بفتوى المجتهد ففيه : أنّه وجه استحساني كما صرّح به بعده ، لوضوح لزوم تبعية المقلد لفتوى المجتهد ، واحتمال عدوله عنها لا يكفي في ترك العمل بها ، لمخالفته لأصالة عدم العدول.
وأمّا الرابع ـ وهو استصحاب آثار الواقعة ـ ففيه ما لا يخفى ، إذ لا مجال له مع الدليل الحاكم مخالفا كان أم موافقا ، والمفروض اقتضاء طريقية الأمارات لعدم الإجزاء ، عند انكشاف الخلاف ، فإنّ المأتي به سابقا لم يكن هو الواقع بل تخيل الواقع ، ولا عبرة به.
هذا ، وفي كلامه مناقشات أخرى تعرض لها سيّدنا الفقيه الأصفهاني (قده) فراجع تقرير بحثه الشريف.