تعبدا كي يختلف الحال (١) ،
______________________________________________________
وتنزيل الأمارة منزلة القطع كما أفاده الشيخ «قده». لكن الإشكال في إثبات هذا المبني.
وكيف كان فلمّا اعترف المصنف بالحكومة على هذا المبنى تصدّى لدفع الإشكال الّذي أوردوه على الحكومة على ذلك المبنى أيضا ، وقد أفادهما في حاشية الرسائل توضيحا لحكومة الأمارة على الأصل الّتي ادعاها شيخنا الأعظم «قده».
ومحصل ذلك الإشكال : لزوم حكومة كل من الأمارة والأصل على الآخر ، حيث إن دليل اعتبار الأمارة القائمة على حرمة شرب العصير مثلا ينفي احتمال خلافها وهو احتمال حليته ، كما أن دليل اعتبار الأصل المقتضي لحلية شرب العصير ينفي أيضا احتمال خلافها وهو الحرمة ، وأنّ احتمال الحرمة يكون شرعا بمنزلة العدم لا يترتب عليه الحكم الشرعي المترتب عليه لو لا الأصل ، ومن المعلوم أنه لا معنى لحكومة كل من الدليلين على الآخر ، بل هذا هو التعارض ، فلا بد من معاملة التعارض مع الأمارة والأصل.
(١) أي : حال دليل الاعتبار. وهذا إشارة إلى دفع الإشكال المزبور. وتوضيح دفعه : أن الخبر الدال على حرمة العصير وكذا الخبر الدال على «حلية كل شيء حتى تعلم أنه حرام» مشمول لأدلة حجية الخبر ، ويعم الحكم بتصديق العادل كلّا منهما ، وما يدل بالمطابقة على وجوب تصديق العادل عملا يدل التزاما على إلغاء احتمال خلافه.
إلّا أنّ الوجه في حكومة أحد الخبرين ـ أي الأمارة ـ على الآخر ـ أعني الأصل ـ هو : أن الأمارة القائمة على حرمة شرب العصير بعنوانه الأوّلي يدل بالالتزام اللفظي على إلغاء احتمال خلافه ، ولا معنى لإلغاء الاحتمال إلّا إلغاء حكمه وأثره شرعا ، فهذه الأمارة تدلّ على إلغاء احتمال الحلية الواقعية ـ التي هي خلاف ما أخبر به العادل ـ وحكم هذا الاحتمال هو الحلية الظاهرية ، بمقتضى «كل شيء لك حلال». فالأصل العملي يعارض المدلول الالتزامي للأمارة.
وهذا بخلاف احتمال خلاف مفاد «كل شيء لك حلال» فان خلاف الحلية الظاهرية في موضوعها هو عدم الحلية الظاهرية أو الحرمة الظاهرية أو الاحتياط ، ومن المعلوم أن إلغاء هذا الاحتمال أجنبي عن إلغاء حرمة شرب العصير المترتبة على ذات الشرب لا على المحتمل ، إذ لا يمسّ الأصل العملي كرامة الواقع ، فهو بالمطابقة يدل على حلّيّة الشيء المشكوك الحكم حِلًّا وحرمة ، وبالالتزام على نفي الحرمة الظاهرية. ولا منافاة بين حرمة