.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
والأخذ عن مدرك وعن الغير متقابلان ، إلّا أنه لا دليل على أن الاجتهاد والتقليد متقابلان حتى يتعين كون التقليد بمعنى التعلم تحقيقا للتقابل ، بل التقليد في قبال كل من الاجتهاد والاحتياط ، مع أن الاحتياط عنوان للعمل ، فالتقابل حقيقة يكون بين العمل استنادا إلى المدرك أو إلى رأي الغير أو بنحو يوافق الواقع» (١).
وأمّا الثاني ـ وهو شبهة الدور في العبادات ـ فيردّه : أنّ التقليد وإن كان متوقفا على العمل ، لكن العلم بكونها عبادة لا يتوقف على وقوعها ، بل على قيام الدليل على عباديتها ولو كان فتوى المجتهد. وعليه فليس العلم بعبادية الفعل متوقفا على وقوعها خارجا حتى يلزم الدور ، بل يتوقف على الحجة على العبادية ، وهي مثل فتوى الفقيه الجامع للشرائط ، ولا يترتب محذور على كون التقليد هو العمل المستند إلى فتوى المجتهد حتى نلتجئ إلى تفسيره بالالتزام أو الأخذ.
هذا ما يتعلّق بما أفاده صاحب الفصول من وجهين على كون التقليد بمعنى الالتزام والأخذ مطلقا.
وقد يقال : بامتناع كونه بمعنى العمل عند اختلاف المجتهدين في الفتوى ، كاختلافهم في غسل الجمعة على الوجوب والاستحباب ، فلو كان التقليد هو العمل امتنع أن يقع على صفة الوجوب أو الندب ، لأنّ وقوعه على صفة الوجوب متوقف على التقليد ، فلو كان التقليد هو نفس العمل توقف وقوع العمل على وقوع العمل ، وهو محال.
والجواب عنه ما أفاده سيدنا الأستاذ (قده) من أنه «إذا اختلف المجتهدون في الفتوى فلمّا امتنع أن يكون الجميع حجّة ، للتكاذب الموجب للتناقض ، ولا واحد معيّن ، لأنه بلا مرجح ، ولا التساقط والرجوع إلى غير الفتوى ، لأنّه خلاف الإجماع والسيرة ، تعيّن أن يكون الحجة هو ما يختاره ، فيجب عليه الاختيار مقدمة لتحصيل الحجة ، وليس الاختيار إلّا الالتزام بالعمل على طبق إحدى الفتويين أو الفتاوى بعينها ، وحينئذ يكون الالتزام مقدمة للتقليد لا أنّه عينه» (٢).
والمناقشة فيه «بأن الحجة التخييرية ـ بأيّ معنى فسّرت ـ لا معنى لها ، وأن الوظيفة عند تعارض الفتاوى الموجب لسقوطها هو الاحتياط ، إذا لا توقف للتقليد على الالتزام فضلا عن أن يكون نفس الالتزام» (٣) غير ظاهرة ، فإنّ الكلام في مقدمية الاختيار والالتزام للتقليد الّذي هو بمعنى العمل ،
__________________
(١) نهاية الدراية ، ٣ ـ ٢٠٧
(٢) مستمسك العروة الوثقى ، ١ ـ ١٣ و ١٤
(٣) التنقيح في شرح العروة الوثقى ، ١ ـ ٨١