.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وهو لا يخلو من شيء بعد ما عرفت من موارد الاستعمالات لغة وعرفا ورواية من كونه بمعنى العمل ، وليس متعلق الأمر معنى آخر من التزام ونحوه.
ومنها : ما أفاده شيخنا الأعظم (قده) من أن التقليد بمعنى الأخذ للعمل أوفق بمفهومه اللغوي (١). وقد عرفت أن التقليد بمعنى العمل أوفق بمعناه اللغوي من الأخذ للعمل.
ومنها : ما في بعض الحواشي من توجيه تفسيره بالالتزام بأن المقلّد وهو العامي يجعل فتاوى مجتهده في عنق نفسه ويلتزم بها ، ويصح حينئذ إطلاق التقليد عليه كما يصح في «قلدت السيف» فالمقلّد ـ بالكسر وبالفتح ـ شخص واحد باعتبارين ، والسيف ما به التقليد ، والمقلّد ـ بالفتح ـ هو العنق ومعناه «التزمت السيف أي جعلته لازما لي».
ويندفع هذا بما تقدم من جريان الاصطلاح على تسمية المجتهد مقلّدا ـ بالفتح ـ وهذا يناسب العمل بفتواه حتى يحتمل مسئوليتها ، وقد اعتبروا فيه أمورا كالعدالة والرجولية ونحوهما ، وهذا لا يلتئم مع التزام العامي بفتاوى المجتهد ، ففرق بين تقليد السيف والدين ، وحيث إنه يصح في الأوّل اتحاد المقلّد بالفتح والكسر ، بخلاف الثاني ، لاعتبار التعدد فيه.
وفي ختام البحث لا بأس بالتنبيه على أمر ، وهو : أن التقليد ـ كالإيقاع ـ يتحقق بفعل العامي فقط من دون حاجة إلى قبول المجتهد ، بل ومع عدم رضاه بذلك ، فهو كالائتمام يتحقق ببناء المأموم ولو مع عدم رضى المؤتم به بذلك. والوجه في ذلك إطلاق أدلة رجوع الجاهل إلى العالم. وعليه فليس التقليد من باب البيعة المتقومة برضاء الطرفين.
ودعوى «توقف التقليد على قبول المجتهد ، لأنّ ثقل تكليف المقلّد وتبعاته على ذمته ، فله قبول هذا الثقل وردّه ، فيكون التقليد كالعقد في توقفه على إيجاب وقبول ، فكأنّ المقلّد ـ بالكسر ـ موجب ، لأنّه جاعل قلادة دينه على رقبة المجتهد ، وهو يقبل هذا الجعل» غير مسموعة ، إذ لم يثبت ثقل على المجتهد غير ما عليه من بذل الوسع والطاقة في استنباط الحكم ، ومسئوليته إنّما هي من تقصيره في مقدمات الاستنباط ، وإلّا فبعد بذل الجهد واستقرار رأيه على أمر لا تتوجه إليه مسئولية أخرى ، سواء عمل العامي بفتواه أم لا ، بل كثرة العمل بفتواه توجب مزيد الأجر والثواب كما في الروايات.
__________________
(١) رسالة الاجتهاد والتقليد ، ص ٤٧