تحصيل الإجماع في مثل هذه المسألة
______________________________________________________
فتعرّض أوّلا للإجماع ، وقد ادعاه جمع من القدماء والمتأخرين ، ونقتصر على ذكر بعض كلماتهم ، قال السيّد (قده) : «والّذي يدلّ على حسن تقليد العامي للمفتي : أنّه لا خلاف بين الأمّة قديما وحديثا في وجوب رجوع العامي إلى المفتي ، وأنه يلزمه قبول قوله ، لأنّه ، غير متمكّن من العلم بأحكام الحوادث ، ومن خالف في ذلك كان خارقا للإجماع» (١).
وقال شيخ الطائفة (قده) في الفصل الّذي عقده لذكر صفات المفتي والمستفتي وبيان أحكامهما ما لفظه : «والّذي نذهب إليه أنه يجوز للعامي الّذي لا يقدر على البحث ويفتونهم العلماء فيها ويسوّغون لهم العمل بما يفتونهم به. وما سمعنا أحدا منهم قال لمستفت : لا يجوز لك الاستفتاء ولا العمل به ، بل ينبغي أن تنظر كما نظرت ، وتعلم كما علمت ، ولا أنكر عليه العمل بما يفتونهم. وقد كان منهم الخلق العظيم أثروا [عاصروا] الأئمة عليهمالسلام ، ولم يحك عن واحد من الأئمة عليهمالسلام النكير على أحد من هؤلاء ولا إيجاب القول بخلافه ، بل كانوا يصوّبونهم في ذلك ، فمن خالف في ذلك كان مخالفا لما المعلوم خلافه» (٢).
وقال المحقق : «يجوز للعامي العمل بفتوى العالم في الأحكام الشرعية ... لنا : اتفاق علماء الأعصار على الإذن للعوام في العمل بفتوى العلماء من غير تناكر ، وقد ثبت أنّ إجماع أهل كل عصر حجة» (٣).
ونحوه كلام العلامة في المبادئ والشهيد في الذكرى وغيرهما في غيرهما ، فراجع.
وقد اعتمد الشيخ عليه في الحكم بجواز التقليد ، حيث قال بعد الإشارة إلى الأدلة : «لكن العمدة من هذه الأدلة الإجماع والسنة» (٤).
ولكن المصنف (قده) ناقش فيه ـ كما ناقش في نظائره كالإجماع على حجية الخبر والبراءة والاستصحاب ـ بما حاصله : أنّ الإجماع إمّا محصّل وإما منقول ، أما الأوّل وهو المحصل فلا سبيل لدعواه في هذه المسألة بحيث يكون كاشفا عن رأي المعصوم (عليهالسلام) الّذي هو المناط في حجيته ، وذلك لاحتمال استناد المجمعين إلى بعض الوجوه
__________________
(١) الذريعة ، ص ٧٩٧ القسم الثاني
(٢) عدة الأصول ، ٢ ـ ١١٥ طبعة بمبئي
(٣) معارج الأصول ، ص ١٩٧
(٤) رسالة الاجتهاد والتقليد ، ص ٤٨