تعبّدا (١) (*). مع (٢) أنّ المسئول في آية السؤال هم أهل الكتاب
______________________________________________________
وكيف كان فهذه المناقشة مشتركة الورود على الاستدلال بكل من آيتي النفر والسؤال ، وقد تقدمت في بحث حجية الخبر ،
وحاصلها : أمّا في آية النفر فهو : أنّ إنذار النافرين يوجب العلم بالحق ، فيكون عمل المنذرين ـ بالفتح ـ عملا بعلمهم الناشئ من كثرة إنذار المنذرين ـ بالكسر ـ وهذا المعنى أجنبي عن مسألة جواز التقليد ، لأنّ المطلوب فيها قبول رأي المجتهد تعبدا.
وبعبارة أخرى : تكون الآية الشريفة مسوقة لبيان وجوب النفر مقدمة للتفقه في الدين ، وأنّه لا يجب على عامّة المكلفين النفر إلى المدينة المنورة لتلقي معالم الدين من الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّ هذا النفير العام قد يترتب عليه اختلال نظام المعاش ، بل يجب النفر على طائفة من كل فرقة للتفقه في الدين ، ويكفي نفر هذه الطائفة عن نفر غيرهم من المكلفين ، ولكن ليتحذّر المتخلفون بإنذار المتفقّهين إذا رجعوا إليهم.
وحيث كانت الآية مسوقة لبيان وجوب النفر كفاية فلا إطلاق فيها من ناحية الإنذار حتى يقتضي وجوب تحذّر المتخلّفين بإنذار المتفقهين مطلقا حتى إذا لم يحصل لهم علم بأنّ ما يخبرونه هو معالم الدّين واقعا ، ومن المعلوم أنّ القدر المتيقن من وجوب التحذر هو صورة حصول العلم لهم أي إذا كان إنذار المتفقّه موجبا للعلم بمعالم الدّين.
وأمّا في آية السؤال فلظهورها أيضا في كون إرجاع العوام إلى العلماء لأجل حصول العلم بالواقع ، لقوله تعالى : «ان كنتم لا تعلمون» فالسؤال سبب للعلم به ومقدمة له ، وليست الآية ظاهرة في الأخذ بقول أهل العلم تعبدا كما هو المدّعى في باب التقليد.
وعليه فلا تنطبق الآيتان على ما هو المبحوث عنه في المقام وهو الأخذ بقول الغير تعبدا.
(١) كما هو المطلوب في باب التقليد ، لعدم إناطته بإحراز مطابقة فتوى المجتهد للواقع أصلا.
(٢) هذه المناقشة مختصة بآية السؤال ولم يذكرها في بحث حجية الخبر ، وحاصلها :
__________________
(*) أورد المحقق الأصفهانيّ (قده) على الاستدلال بآية النفر على حجية فتوى الفقيه بـ «ان التفقه