واتّباعه (١).
فإنّه يقال (٢) : إنّ الملازمة العرفية بين جواز الإفتاء وجواز اتّباعه
______________________________________________________
العرفية بين جواز الإفتاء وأخذ الفتوى تعبدا ، لتوقف الاستدلال على تسليم الملازمة المزبورة ، وهي غير مسلّمة ، لاحتمال أن تكون هذه الأخبار نظير الآيات والأخبار الآمرة ببيان الحق وإظهاره ، حيث لا دلالة فيها على وجوب القبول تعبدا ، إذ المقصود فيها إظهار الحق كثيرا حتى يحصل العلم للمخاطبين بواسطة كثرة المظهرين للحق والواقع.
وهذا الإشكال نظير ما أفاده المصنف في آيتي النفر والسؤال من عدم دلالتهما على وجوب القبول تعبدا ، والقدر المتيقن هو حصول العلم من إخبار جماعة من النافرين ، لا وجوب التحذر من إنذار كل واحد من المتفقهين ، هذا.
(١) هذا الضمير وضمير «أخذه» راجعان إلى الفتوى ، فالأولى تأنيثهما.
(٢) هذا جواب الإشكال ، وحاصله : وضوح الفرق بين الفتوى وبين إظهار الحق ، حيث إنّ الحق يكون غالبا مما يمكن العلم به كالنّبوة والإمامة ، فإنّ كثرة عدد المظهرين توجب العلم بالواقع غالبا ، وهذا بخلاف الأحكام الفرعية التي هي مورد الفتوى ، لعدم حصول العلم به منها ، لكون الفتاوى ظنية غالبا ، فلو اعتبر في وجوب متابعة الفتاوى العلم بمطابقتها للواقع لزم لغويّة الأمر بالإفتاء وإظهار المحبّة بالنسبة إلى المفتي ، فلا بد أن تكون الفتوى حجة على العامي تعبدا لا لإيجابها العلم بالواقع (*).
__________________
(*) وبتقرير آخر أفاده المحقق الأصفهاني (قده) : «ان الإظهار والظهور كالإيجاد والوجود متّحدان بالذات مختلفان بالاعتبار ، فلا يعقل أن يكون له إطلاق لصورة عدم العلم ، لأن عدم الظهور لا ينفكّ عن عدم الإظهار. ومنه يعلم أنّه لا موقع لدلالة الاقتضاء على وجوب القبول تعبدا ، لأنّ الواجب ـ وهو الإظهار ـ لا يتحقق إلّا مع الظهور الّذي لا يبقى معه مجال للقبول تعبدا ، بخلاف إظهار الفتوى ، فانّه يلازم ظهور الفتوى المجامع مع عدم ظهور الواقع ، فيبقى مجال التعبد بالقبول. ومن الواضح أن الإفتاء بمفهومه لا يقتضي إلّا إظهار الفتوى ، لا الواقع ، ولم يتقيّد وجوبه بغاية مخصوصة ، وهي إظهار الواقع به حتى يكون بمنزلة إيجاب إظهار الواقع ...» (١)
__________________
(١) نهاية الدراية ، ٣ ـ ٢١٠.