ولا تعارض (١) أيضا (٢) إذا كان أحدهما قرينة على التصرف في الآخر
______________________________________________________
المورد الثالث : حمل الظاهر على الأظهر
(١) معطوف على «فلا تعارض بينهما بمجرد تنافي مدلوليهما» وهذا إشارة إلى المورد الثالث من موارد التنافي بين المداليل مع خروجها عن تعريف التعارض من جهة عدم تنافيها في مقام الدلالة والإثبات.
(٢) يعني : كعدم التعارض في موارد الحكومة والتوفيق العرفي. والفرق بين المقام والتوفيق العرفي هو : أن تقديم أحد الدليلين على الآخر هناك إنما يكون لجهات خارجية كمناسبة الحكم للموضوع ، وقرينية العنوان الثانوي للتصرف في الدليل المشتمل على العنوان الأوّلي ، بخلافه هنا ، فان تقديم أحد الدليلين على الآخر فيه إنما هو بملاحظة حالات اللفظ من النصوصية والأظهرية (*).
__________________
(*) وحيث كان تقديم الأظهر على الظاهر بملاك القرينية ، فلا بأس بالإشارة إلى معنى القرينة وإلى المناط في تقديمها على ذي القرينة ، فهنا جهتان :
الأولى : في معنى القرينة ـ المنطبق على جميع الموارد ـ وهو : أن يكون في الكلام لفظان يدل أحدهما على قيام فعل بفاعل وعرض بجوهر ، ويدل الآخر على كيفية قيام ذلك الفعل أو العرض ، فما يكون حاكيا عن أصل قيام العرض. بمعروضه فهو ذو القرينة ، وما يكون حاكيا عن دخل حال أو وصف فيه فهو القرينة.
وبعبارة أخرى : اللفظ الدال على ركن الكلام من الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر هو ذو القرينة ، واللفظ المتأخر الحاكي عن القيود والملابسات المعدودة بنظر العرف مبيّنة لتمام المراد من اللفظ المتقدم هو القرينة ، ولذا تكون القرينة غالبا متأخرة في اللفظ ، لبناء أهل المحاورة كثيرا على جعل المتأخر ناظرا إلى المتقدم. ولا يعتبر في صدق القرينة كونها أقوى ظهورا من ذيها ، إذ ملاك صدقها وتقدمها على ذيها هو النّظر والشرح ، ولذا يقال في مثل «رأيت أسدا يرمي» بتقدم ظهور «يرمي» في رمي النبال مع ضعفه ـ لكونه بالإطلاق ـ على ظهور «أسد» في الحيوان المفترس مع قوته لكونه بالوضع.
ولكن ظاهر المتن أو صريحه : «مما كان أحدهما نصا أو أظهر» اعتبار أظهرية القرينة ، لأن الكلام في تقدم الخاصّ المنفصل ونحوه من القرائن المنفصلة ، فلا بد من الأظهرية حتى يقدم على