وأمّا غيره (١) فقد اختلفوا في جواز تقديم المفضول وعدم جوازه ، ذهب بعضهم إلى الجواز (٢) ، والمعروف بين الأصحاب ـ على ما قيل (٣) ـ
______________________________________________________
(١) أي : غير المقلّد العاجز عن معرفة مقتضى الأدلة. وهذا شروع في المقام الثاني وهو ما يستفيده المجتهد القادر على استنباط حكم مسألة تقليد الأعلم ، وحاصل ما أفاده فيه : أنّ هذه المسألة ذات قولين :
أحدهما : عدم جواز تقليد المفضول وتعيّن تقليد الأفضل ، وهذا هو المشهور ، بل المدعى عليه الإجماع.
ثانيهما : جواز تقليد المفضول ، وعدم وجوب تقليد الأعلم تعيينا ، وهو خيرة جماعة منهم صاحبا القوانين والفصول. والمصنف «قده» اختار مذهب المشهور واستدل عليه بالأصل ، وسيأتي بيانه.
(٢) قال المحقق القمي بعد منع أقربية قول الأعلم ما لفظه : «فحينئذ فالقول بوجوب تقديم قول الأعلم للمقلّد على الإطلاق لا يتم. ودعوى الإجماع في أمثال هذه المسائل مع أنّها غير ظاهرة منهم وغير واضحة في نفسها يظهر بطلانها من استنادهم في دعواهم هذه إلى أنّه أقرب وآكد وأرجح».
وقال تلميذه المحقق الشيخ ومحمد حسين الأصفهاني في الفصول بعد المناقشة في أدلّة بعدم جواز تقليد الأعلم : «فالقول بالجواز إذن أوضح ، وإن كان المنع أحوط».
(٣) نسب جمع ـ منهم شيخنا الأعظم وصاحب الفصول «قدهما» ـ إلى الأصحاب القول بعدم جواز تقليد المفضول ، قال في الفصول : «وقد نسبه بعضهم إلى الأصحاب مدّعيا عليه الإجماع» وستأتي هذه النسبة في كلام الشيخ أيضا.
وقال مقرّر بحثه الشريف : «إذا اختلف الأحياء في العلم والفضيلة ، فهل يتعيّن تقليد الأفضل؟ أو يتخيّر بينه وبين تقليد المفضول ، حدث لجماعة ممّن تأخّر عن الشهيد الثاني قول بالتخيير ، بعد اتّفاق من تقدّم عنه ظاهرا على تعيين الفاضل ... لكن الحق الّذي لا ينبغي الارتياب فيه هو الأوّل من لزوم تقديم الأفضل. لكن العنوان الّذي يتكلّم فيه الآن هو ما إذا علم اختلاف الفاضل والمفضول ...».