.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
أصالة البراءة. وكذا تجري البراءة في الشك في وجوب الصوم أو العتق ، لكونه شكّا في التكليف.
وأمّا عدم جريان البراءة في تعين أحد الواجبين المتزاحمين كإنقاذ الغريقين فيما إذا كان أحدهما عالما والآخر جاهلا ، وشك في رجحان إنقاذ العالم ، فإنّما هو لعدم كون الشك في وجوبه التعييني حتى ينفي بالأصل ، إذ المفروض وجوب إنقاذ كل منهما تعيينا كما هو مقتضى ملاك كل منهما ، بل الشك في بقاء التخيير بين المتزاحمين مع فرض مرجح في أحدهما ، فالعقل حينئذ لا يحكم بالتخيير ، لإناطة هذا الحكم بتساويهما ، ومع وجود مزيّة في أحدهما يرتفع التساوي ، فلا يحكم العقل حينئذ بالتخيير.
وكذا الحال في دوران الأمر بين المحذورين فيما إذا اقترن أحد الاحتمالين من الوجوب أو الحرمة بما يحتمل مرجحيته كالشهرة مثلا ، فإنّ العقل لا يحكم حينئذ بالتخيير ، لأنّ الأخذ بالاحتمال الموهوم إطاعة احتمالية ، وبالاحتمال المقرون بما يحتمل مرجحيته إطاعة ظنية ، وهذا يقدّم عقلا على الإطاعة الاحتمالية.
والحاصل : أنّ الشك في التعيينية في المزاحمين وفي دوران الأمر بين المحذورين ليس شكّا في الحكم الشرعي حتى تجري فيه البراءة ، وفي تعيّن أحد أفراد الطبيعة المتعلّقة للحكم كالرقبة يكون شكّا في التكليف ، فتجري فيه البراءة.
فقد ظهر من جميع ما ذكرنا : أنّ الشك في التعيينية في المقام ـ وهو الشك في تعين الأخذ بفتوى الأعلم ـ ليس من موارد أصالة البراءة ، لعدم كون الشك في ثبوت التكليف ، بل في سقوطه وامتثاله الّذي هو مجرى قاعدة الاشتغال ، فلا وجه لجعل ما نحن فيه من صغريات التعيين والتخيير التي تجري فيها البراءة.
ج ـ أصالة عدم مرجحية الأعلمية
الثالث من وجوه تقرير الأصل هو : أنّه لمّا كان مناط تقديم فتوى الأفضل على غيره مرجحية الأعلمية ، ومن المعلوم أنّ المرجحية كالحجية توقيفية ، ومع الشك فيها يجري الأصل في عدمها المقتضي للتخيير بين الفتويين ، إذ المفروض حجية قول المفضول ذاتا ، لشمول دليل حجية الفتوى لها كانت النتيجة حجية قول المفضول كالفاضل ، هذا.