.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وفي كلتا الروايتين أوّلا : ضعف السند ، وثانيا : ضعف الدلالة ، لأنّ ظاهرهما هو التصدّي للخلافة التي هي منصب شامخ إلهي لا تحصل لأحد بإتعاب النّفس ، بل هي موهبة إلهيّة لا يتقمصها إلّا من شملته العناية الرّبانيّة. والإمام عليهالسلام ردع عمّه عن التصدي للخلافة بأنّ الخليفة لا بد أن يكون أعلم من جميع الأمّة ليقتدر على حلّ جميع مشاكلهم ، وتعليم مسائلهم ، وقضاء حوائجهم ، وجلب مصالحهم ، ودفع مفاسدهم.
ولو كان المراد إفتاء الفقيه لزم منه عدم جواز الإفتاء للمفضول أصلا ، لانحصار جواز الإفتاء بمن هو أعلم من جميع الأمّة. وهذا كما ترى ، لوضوح حجية فتوى المفضول ما لم يعارضها فتوى الأفضل.
فتلخص : أنّه لا سبيل إلى الاستدلال بالروايات على وجوب تقليد الأعلم تعيينا.
٣ ـ أقربية فتوى الأعلم إلى الواقع
الوجه الثالث من الوجوه المحتج بها على وجوب تقليد الأعلم تعيينا عند التعارض : أنّ فتوى الأعلم أقرب إلى الواقع من فتوى غيره. وقد تقدّم في التوضيح (ص ٥٥٥) تقريب الاستدلال به ، والإشكال الصغروي والكبروي عليه.
وكان على المصنف «قده» الّذي وافق جماعة من المحققين الذين تقدم ذكرهم في منع الصغرى ـ وهي أقربية فتوى الأفضل مطلقا من فتوى المفضول ـ أن يناقش فيما أفاده الشيخ الأعظم «قده» من صحة الصغرى المذكورة ، وبطلان ما أفادوه من منع صحتها ، ضرورة توقف تسليم الإشكال الصغروي على ردّ ما أفيد في صحتها ، وإلّا فلا بد من الاعتراف بصحتها.
وكيف كان فلا بأس بالإشارة إلى ما عن الشيخ «قده» في التقريرات من تصحيح الصغرى ، وهي أقربية فتوى الأفضل من فتوى المفضول وإن كانت موافقة للمشهور أو للاحتياط أو لفتوى أعلم الأحياء والأموات.
ومحصّل ما في التقريرات بطوله هو : أنّ من منع الصغرى إن أراد بذلك إثبات التسوية بين الأعلم والعالم من حيث الظن في حدّ ذاتهما مع الغض عن الأمور الخارجية ، ففيه : أنّه خلاف الضرورة والوجدان ، إذ لا ينبغي الارتياب في أنّ لزيادة العلم والبصيرة بمدارك المسألة ومعارضاتها