.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
أوثق البينتين على الأخرى ، وتقديم ذي المزية في الخبرين المتعارضين إنّما هو بالدليل الثانوي وهو الأخبار العلاجية.
وثالثا : أنّ هذا الوجه يرجع إلى الوجه الثالث الّذي تقدم منعه صغرى وكبرى ، لانحلاله إلى صغرى وهي كون فتوى الأعلم ذات مزية ورجحان ، وكبرى وهي تقدم كل ذي مزية على فاقدها.
٦ ـ سيرة العقلاء على الرجوع إلى الأعلم
الوجه السادس : بناء العقلاء على الرجوع إلى الأعلم عند مخالفة فتوى المفضول له ، فإنّه بعد البناء على عدم وجوب الاحتياط على العامي قد استقرّت السيرة العقلائية على الرجوع إلى الأعلم ، وعدم العمل بفتوى المفضول ، كما هو كذلك في غير الأحكام الشرعية من العلوم والفنون ، ولم يردع الشارع عن هذه السيرة مع كونها بمنظره ومرأى منه ، وعدم الردع في مثل المقام دليل الإمضاء. وهذا الوجه أمتن الوجوه وأقواها ، ثم الأصل الّذي قد تقدم أنّ مقتضاه وجوب الأخذ بفتوى الأعلم تعيينا.
لا يقال : إن الأصل في دوران الأمر بين الحجية التعيينية والتخييرية يقتضي التخييرية ، قياسا على دوران الأمر بينهما في الأحكام ، كما إذا دار حكم صلاة الجمعة مثلا بين الوجوب التعييني والتخييري ، فإنّه يدفع احتمال وجوبها التعييني بأصالة البراءة ، إذ المعلوم وجوب الجامع دون الخصوصية ، لكونها مشكوكة. وكذا الحال في المقام ، فإنّ المعلوم هو الحجية الجامعة بين التعيينية والتخييرية ، إذ خصوصية إحداهما مشكوكة ، فتجري فيها البراءة ، ومقتضى جريانها هو التخيير بين الأخذ بفتوى الأفضل والفاضل.
فانه يقال : إنّ الحجة تارة تكون منجّزة للواقع بحيث لو لم تقم على الواقع كان المرجع في صورة الشك فيه الأصل النافي له كأصالتي البراءة والطهارة ونحوهما ، كما إذا فرض قيام الدليل على حرمة شرب التتن ، بحيث لو لم يقم هذا الدليل على حرمته كان المرجع في الشك فيه أصالة البراءة ، وهذا الدليل القائم على الحرمة حجية منجّزة ، إذ لا منجّز للواقع إلّا هذا الدليل ، فلو لم يكن في الواقع حرمة لم يكن هذا الدليل معذّرا له ، إذ لم يفت بهذا الدليل شيء من الواقع حتى يكون معذّرا له.
وأخرى تكون معذّرة ، كما إذا تنجّز الواقع قبل نهوض هذه الحجة عليه بعلم إجمالي كبير كعلمه