في حال حياته (١)
ولا يذهب عليك أنّه (٢) لا مجال
______________________________________________________
قال شيخنا الأعظم «قده» : «وربما استدلّ عليه ـ أي على جواز تقليد الميت ـ بعض من انتصره بوجوه ، أقواها وجوه أحدها : الاستصحاب ، لأن المجتهد في حال حياته كان جائز التقليد ولا دليل على ارتفاع الجواز بالموت ، فيستصحب» (١).
(١) هذا الضمير وضمير «تقليده» راجعان إلى المفتي.
(٢) الضمير للشأن ، وهذا جواب الاستدلال بالاستصحاب ، وقد أفاده الشيخ الأعظم «قده» بقوله : «من عدم جريانه فيما يحتمل مدخليّة وصف في عنوان الحكم كالحياة فيما نحن فيه» (٢). وتوضيحه : أنّه قد تقرّر في آخر بحث الاستصحاب اعتبار بقاء الموضوع أي معروض المستصحب ، إذ بدونه لا يصدق «إبقاء ما كان» ولا «نقض ما علم سابقا» على رفع اليد عنه ، فإذا علم بعدالة زيد ثم شك في بقاء عدالة عمرو كان أجنبيّا عن الاستصحاب ، وعليه فإذا علم بارتفاع الموضوع أو شك في بقائه لم يجر الاستصحاب ، لعدم صدق نقض اليقين بالشك في الأوّل ، والشك في صدقه في الثاني.
وفي المقام يكون موضوع جواز التقليد وكذا حجية رأيه هو الرّأي ، لقيامهما بالرأي الرّأي متقوّم بالحياة ، لكون الرّأي هو الإدراك القطعي أو الظني الحاصل للمجتهد من النّظر في الأدلة ، وموطن هذا الإدراك هو الذهن الّذي يكون من القوى الجسمانية التي تذهب بالموت ، بل بالمرض أيضا ، فمع انتفاء الحياة ينتفي الرّأي الّذي هو موضوع المستصحب. ولا ريب في اعتبار بقاء الموضوع في جريان الاستصحاب بالنظر العرفي الّذي يبنى عليه في باب الاستصحاب ونحوه. نعم بناء على النّظر العقلي الدّقي يكون الرّأي متقوّما بالنفس الناطقة الباقية بعد الموت ، لأنّها من المجردات ، وليست جسما حتى يتطرق إليها البوار والفناء ، فهي روحانية البقاء وإن كانت جسمانية الحدوث.
فان قلت : إنّ منع تقليد الميت ـ لعدم بقاء الرّأي بالنظر العرفي ـ غير سديد ، لأنّه ينافى صحة استصحاب بعض الأحكام الثابتة للمجتهد في حال حياته كطهارة بدنه ونحوها. وجه المنافاة : أنّ الموت لو كان موجبا لانعدام الشخص وصيرورة الميت والحي حقيقتين
__________________
(١) رسالة الاجتهاد والتقليد ، ص ٦٠
(٢) رسالة الاجتهاد والتقليد ، ص ٦١