الأدلة بحسب الدلالة ومرحلة الإثبات. وإنّما يكون التعارض بحسب السند فيها إذا كان كل واحد منها قطعيا دلالة وجهة ، أو ظنيا (١) فيما (٢) إذا لم يكن (٣) التوفيق بينها بالتصرف في البعض أو الكل (٤) ، فإنّه (٥)
______________________________________________________
في أصالتي الصدور ـ ويكون موضوع حكم العقل بالتخيير أو التساقط وموضوع أخبار العلاج ـ ينحصر في الدليلين الظنيين سواء أكان كل واحد منهما قطعيا جهة ودلالة أم ظنيا كذلك ، فإنّ التعارض يقع في سنديهما ، للعلم الإجمالي بعدم صدور أحدهما بعد وضوح عدم إمكان الجمع بينهما بالتصرف فيهما ، لفرض قطعيّة دلالتهما ، فلا محالة يقع التعارض بين أصالتي الصدور فيهما ، إذ لا معنى للتعبد بصدورهما مع العلم الإجمالي بكذب أحدهما. هذا في صورة القطع بالدلالة والجهة.
وأمّا في صورة ظنّيّتهما ـ كظنية السند ـ فلأنّهما وإن كانا قابلين للتصرف في أحدهما أو الأخذ بظاهر الآخر وحمله على التقية مثلا ، إلّا أنّه لعدم قرينة على ذلك يصير المراد فيهما مجملا ، وإن لم يكن هذا الإجمال منافيا لأصل الصدور واقعا ، لكنه مخلّ بالتعبد بالسند ، إذ لا معنى للتعبد بسند رواية مجملة.
وبالجملة : فأصالة الصدور لا تجري في الصورة الأولى ، للعلم الإجمالي بعدم صدور أحدهما ، وفي الصورة الثانية ، لعدم الأثر في التعبد بالصدور.
(١) أي : في الدلالة والجهة كالسند ، فيتعارض الأصول الثلاثة فيهما بناء على عرضيّتها.
وأمّا بناء على طوليّتها ـ وكون الظهور والجهة في طول الصدور ـ فالتعارض يكون بين أصالتي الصدور فقط.
(٢) هذا قيد لقوله : «ظنيا» لأن القطعي غير قابل للتوفيق جزما وبلا تعليق.
(٣) بمعنى «يوجد» فـ «يكن» هنا تامة ، و «بالتصرف» متعلق بـ «التوفيق».
(٤) إذ مع إمكان التوفيق بينهما بالتصرف في البعض أو الكل تندرج في موارد الجمع العرفي وتخرج موضوعا عن باب التعارض.
(٥) الضمير للشأن ، وهذا تعليل للتعارض بحسب السند ، وحاصله : أنّ دليل التعبد بالصدور لا يشملهما ، إمّا للعلم الإجمالي بكذب أحدهما كما في صورة القطع بالدلالة والجهة ، إذ مع قطعيّتهما وعدم إمكان التصرف فيهما يحصل العلم بعدم صدور أحدهما.