إلّا أنّ الإنصاف عدم كون الدعوى (١) خالية عن الجزاف ،
______________________________________________________
على صلاة الجمعة وجلسة الاستراحة. ولو كان الرّأي مقوّما لنفس الحكم بحيث كان الحكم دائرا مداره حدوثا وبقاء كان زائلا بالموت ، ولكن المفروض أنّ الحكم يتقوم بنفس موضوعه وهو صلاة الجمعة وجلسة الاستراحة ، لا بالرأي ، وإنّما يكون الرّأي علّة لعروض الوجوب على صلاة الجمعة ، وهو يبقى حتى عند زوال الرّأي بالموت ، ولو شك في بقائه وتبدله برأي آخر في تلك النشأة جرى الاستصحاب.
(١) أي : دعوى «كون الرّأي من أسباب العروض لا من مقوّمات المعروض» وهذا جواب الاستدلال بالاستصحاب على تقدير كون المستصحب نفس الأحكام الفرعية التي أفتى الفقيه بها.
ومحصل ما أفاده : أنّ كون الرّأي من أسباب العروض خاصة ممنوع ، لكونه دخيلا في الأحكام الفرعية كالأصولية بنظر العرف قطعا أو احتمالا ، فكما أنّ حجية الحجج كخبر العدل والاستصحاب ونحوهما متقوّمة بالإحراز بحيث يكون الشك في الإثبات مساوقا للقطع بعدم حجيتها ، فكذلك الأحكام الفرعية ، فإنّها أحكام لموضوعاتها بحسب رأي المجتهد ، لا مطلقا حتى يكون تبدل الرّأي موجبا لارتفاع الحكم عن موضوعه ، بل يكون من ارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه ، إذ ليس الموضوع صلاة الجمعة مطلقا ، بل الموضوع صلاة الجمعة التي أدّى استنباط الفقيه إلى وجوبها ، والمفروض زوال هذا الرّأي ، فيزول الحكم بزواله. ومن المعلوم أنّ احتمال دخل الرّأي في موضوع الأحكام الفرعية ـ كالقطع بدخله ـ في عدم جواز إجراء الاستصحاب معه ، لأنّ القطع ببقاء الموضوع معتبر في الاستصحاب ، ومع احتمال الدخل لا يبقى قطع ببقاء الموضوع ، فلا يجري الاستصحاب في الأحكام الفرعية الظاهرية التي أفتى الفقيه بها.
وبعبارة أخرى : أنّ مفاد أدلة التقليد وإن كان إنشاء حكم مماثل لما أفتى به المجتهد ، وهذا الحكم المماثل الظاهري فعلي بلا ريب ، والمقلد لذلك المجتهد يصير قاطعا بالحكم الفعلي ، إلّا أنّ قطعه بوجوب صلاة الجمعة مثلا ـ وبعدم وجوب صلاة الظهر في يوم الجمعة ـ ليس بقول مطلق ، فإنّ المقلّد عالم بوجوب الجمعة في رأي مجتهده ، لفرض اقتضاء أدلة التقليد جعل الحكم المماثل لما يراه المجتهد حكما فعليا ، ومن المعلوم أنّ