ومنها (١) : إطلاق الآيات الدالة على التقليد.
______________________________________________________
مماثلة لمؤدّياتها ـ منعنا الاستصحاب بوجه آخر ، وهو : أنّ الحكم الفعلي الظاهري يتقوم بالرأي المفروض زواله بالموت ، ولا أقلّ من احتمال دخل الرّأي في هذا الحكم الفعلي حدوثا وبقاء. ولا مجال لاستصحاب الحكم مع احتمال انتفاء موضوعه فضلا عن القطع بالانتفاء.
ثالثها : أنّ الأولويّة القطعية دلّت على انتفاء الرّأي بالموت بنظر الشارع ، للإجماع على بطلان تقليد الفقيه المبتلى بآفة كثرة النسيان والمرض المزيل للرأي.
هذا تمام كلام المصنف فيما يتعلّق بالتمسّك بالاستصحاب لإثبات جواز التقليد الابتدائي والبقائي. وسيأتي الكلام في سائر الوجوه (إن شاء الله تعالى).
٢ ـ إطلاق الأدلة اللفظية
(١) معطوف على قوله : «منها : استصحاب جواز تقليده في حال حياته» وظاهر العطف يقتضي كون هذا الوجه من الوجوه الضعيفة المستدل بها على التفصيل بين تقليد الميت ابتداء واستدامة ، مع أنّ التمسك بالإطلاقات دليل القول بجواز تقليد الميت مطلقا ولو ابتداء. وتقريب الاستدلال هو : أنّ آية النفر تدل ـ بإطلاقها ـ على وجوب الحذر بإنذار المنذر سواء بقي حيّا إلى زمان عمل المنذر أم لا ، قال في التقريرات : «لو فرضنا أنّ المجتهد قد أنذر في حال حياته ولم يتّبعه المقلّد عصيانا ، ثم بدا له بعد موته اتّباعه ، فهل ترى عدم صدق الإنذار في مثله؟ وليس ذلك من التقليد الاستمراري ، بل هو تقليد بدوي ، إذ المفروض عدم الأخذ بالفتوى في حال الحياة وعدم العمل بها أيضا ...» (*).
وأمّا آية السؤال فتدلّ على صدق السؤال على مراجعة كتب الأموات ، وكذا تدلّ أيضا على وجوب القبول إذا سأل ومات المسئول بعد الجواب لئلا يلغو وجوب السؤال.
وأمّا آية الكتمان فتدلّ أيضا على وجوب الإظهار وحرمة الكتمان ، وهو يلازم وجوب القبول سواء بقي من أظهر الحق حيّا أم مات.
وناقش المصنف في الاستدلال بإطلاقات الكتاب بما سبق في الاستدلال بها على
__________________
(*) إلّا على القول بكون التقليد مجرّد الالتزام ، إذ التقليد حينئذ استمراري لا بدوي.