ومنها (١) : دعوى أنّه لا دليل على التقليد إلّا دليل الانسداد ، وقضيته (٢) جواز تقليد الميت كالحي بلا تفاوت بينهما أصلا كما لا يخفى.
وفيه : أنّه لا تكاد تصل النوبة إليه (٣) ، لما عرفت من دليل العقل والنقل
______________________________________________________
٣ ـ دليل الانسداد
(١) يعني : ومن الوجوه الضعيفة ـ المستدلّ بها على جواز تقليد الميّت مطلقا ابتداء واستمرارا ـ دليل الانسداد الّذي اعتمد عليه المحقق القمي (قده) قال في القانون المصدّر بقوله : «لا يشترط مشافهة المفتي في العمل بقوله» ما لفظه : «فالحق أن يقال : نحن مكلّفون في أمثال زماننا ، وسبيل العلم بالأحكام مسند ، والتكليف بما لا يطاق قبيح ، فليس علينا إلّا تحصيل الظّنّ بحكم الله الواقعي ، فإذا تعيّن المظنون فهو ، وإن تردّد بين أمور فالمكلف به هو أحدها» إلى أن قال : «والحاصل : أنّه ـ أي العامي ـ مكلف بما ظهر عنده وترجّح في نظره أنّ قوله هو حكم الله في نفس الأمر ، إمّا بالخصوص ، وإمّا بكونه أحد الأمور المظنون كون واحد منها حكم الله في نفس الأمر. والحياة بمجرّدها لا يوجب الظن له بكونه حكم الله في نفس الأمر هو ما قاله الحي. وكذلك الأعلميّة إذا لم ينحصر الأمر في الأعلم كما أشرنا سابقا. فالمعيار هو ما حصل به الرجحان ، فقد يحصل ذلك في الحي ، وقد يحصل في الميّت».
ومقتضى هذا الكلام تعيّن الأخذ بما هو أقرب إلى الواقع سواء أكان قول الحي أم قول الميّت.
وناقش المصنف فيه بمنع أصل المبنى ، وعدم وصول النوبة إلى دليل الانسداد ، لأنّ باب التقليد مفتوح للعامي ، لما تقدم في الفصل الأوّل من دلالة الفطرة والأخبار على مشروعيّة التقليد في حق العامي. كما أنّ مقتضى أصالة التعيين تعيّن الرجوع إلى الحي ، فهذا الوجه ساقط.
(٢) يعني : ومقتضى دليل الانسداد جواز تقليد الميّت كالحي ، لأنّ المدار على الظن سواء حصل من قول الحي أم الميّت.
(٣) أي : إلى دليل الانسداد ، لأنّ من مقدّماته انسداد باب العلم والعلمي ، والمفروض