.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
الشك زوال وصف من أوصاف الموضوع مع احتمال دخله في الحكم ، إذ مع هذا الاحتمال يرجع الشك إلى الشك في بقاء الموضوع ، ومن المعلوم عدم جريان الاستصحاب فيه ، كعدم جريانه في العلم بارتفاع الموضوع.
ففي المقام لمّا كانت الحياة مما يحتمل دخله في الأحكام المذكورة ، إذ لم يقم دليل على عدم دخل الحياة فيها ، لما مرّ سابقا من عدم إطلاق في أدلة التقليد يشمل حياة المجتهد ومماته ، لصلاحية الإجماعات المدّعاة على عدم جواز تقليد الميّت لمنع انعقاد الإطلاق في أدلته أوّلا. ولعدم تعرّض شيء من الأدلّة لشروط التقليد ثانيا ، فإنّه أيضا يكشف عن الإهمال ، وعدم كونها في مقام البيان من جميع الجهات ، فلا ينعقد لها إطلاق ، بل ظاهرها أو متيقنها اختصاص جواز التقليد بمن له الرّأي حين رجوع العامي إليه ، وليس ذلك إلّا المجتهد الحي ، إذ الميّت جماد لا رأي له كما لا يخفى.
وعليه فلا مجال لدعوى حكومة إطلاق الدليل المقيّد ـ أعني به أدلّة التقليد ـ على إطلاق ما دلّ على حرمة العمل بغير العلم حتى يقال : بجواز تقليد المجتهد مطلقا سواء أكان حيّا أم ميّتا.
وكيف كان فنفس احتمال الدخل كاف في المنع عن جريان الاستصحاب.
وببيان أخصر : لا مجال لجريان الاستصحاب أصلا ، لأنّه إن ثبت دخل الحياة في تلك الأحكام ، فيعلم بارتفاعها بعد الموت ، وإن ثبت عدم دخلها فيها فيعلم ببقائها بعد الموت ، كالعلم بوجودها حال الحياة. ففي هاتين الصورتين لا مجال للاستصحاب ، لوجود العلم فيهما. وإن لم يثبت شيء من الدخل وعدمه للحياة فلا يجري أيضا ، لكون الشك حينئذ في بقاء الموضوع.
ومما ذكرنا في وجه عدم جريان الاستصحاب ـ من رجوع الشك فيه إلى الشك في بقاء الموضوع ـ يظهر : أنه لا أثر للبحث عن بقاء الظن بالحكم للمجتهد بعد موته وعدمه ، بأن يقال في وجه بقائه كما عن صاحب الفصول (قده) : إنّ الموت يوجب تكامل الظن ، وانكشاف حقائق الأمور بعد الموت.
ويقال في وجه عدم بقائه وزواله بالموت : إنّ الظن قائم بالذهن المتقوّم بتركيب الأخلاط الأربعة التي تترتب عليها آثار كسرعة الانتقال ، والإدراك ، وجودة الذهن التي هي من آثار الصفراء ، وكالبلادة وسوء الفهم وبطء الانتقال التي هي من آثار البلغم ، وهكذا ، والموت يفني هذه الأخلاط كلّها ، فلا يبقى محلّ للإدراك الّذي هو من آثار بعض الأخلاط. وبالجملة : يزول الظن بزوال الحياة.