.................................................................................................
______________________________________________________
غير العلمية من حيث الطريقية والموضوعية فلا بد من البحث في مقامين : الأوّل في حكم العقل بناء على الطريقية ، والثاني في حكمه بناء على السببية. وقبل الخوض في المقامين ينبغي تقديم أمور :
الأوّل : أن حجية الأخبار ـ وسائر الأمارات ـ إما أن تكون من باب الطريقية والكشف عن الواقع ، وإما أن تكون من باب السببية والموضوعية. والمراد من جعل الحجية على وجه الطريقية هو كونها مجعولة بلحاظ لزوم حفظ الأحكام الواقعية ، وكون اعتبار الشارع لأمارة خاصة ـ تأسيسا أو إمضاء ـ لأجل أقربيتها إلى إحراز الواقع ، بحيث تنحصر مصلحة جعل الحجية لتلك الأمارة في الاستطراق بها للوصول إلى المصالح النّفس الأمرية والأحكام الفعلية التي اشتغلت الذّمّة بها وتنجّزت بالعلم الإجمالي أو الاحتمال المنجز ، ولذا يكون تمام المناط للحكم بحجِّيّة الطريق هو نفس الواقع ، وقد يكون مناطه المصلحة التي هي في الأمارة ، وهي في طول مصلحة الواقع بناء على القول بالمصلحة السلوكية.
والمراد بحجية الأمارة على السببية هو وجود مصلحة أخرى غير مصلحة الإيصال إلى الواقع ، سواء أكانت المصلحة في الأمر بالعمل بالأمارة أم في نفس سلوكها أم في المؤدّى. وهذه الاحتمالات الثلاثة وإن كانت متفاوتة بحسب الآثار ، كما تتفاوت محتملات الطريقية من كون المجعول نفس الحجية أو الحكم الطريقي أو تنزيل المؤدى منزلة الواقع أو تنزيل الظن ـ بتتميم الكشف ـ منزلة العلم أو غير ذلك ، إلّا أن المهم في مسألة تعارض الخبرين هو ملاحظة أصل مبنى الطريقية والموضوعية ، وأنّ الملحوظ هو الواقع أم ما أدّت إليه الأمارة ، ولا أثر لملاحظة محتملات كل من الطريقية والسببية.
ثمّ إنّ الحق ـ كما عليه أهله ـ حجية الأمارة على الطريقية ، وأنّ غرض الشارع من نصب أمارة مخصوصة هو إحراز الواقع بها غالبا ، لا حدوث مصلحة في المؤدى بعنوان ما قامت الأمارة عليه. والشاهد على هذه الدعوى اعتبار الصفات الدخيلة في جهة الكشف عن الواقع وإيصاله إلى المكلف كعدالة الراوي أو وثاقته ، وضبطه وتحرزه عن الكذب ، دون الأوصاف التي لا تؤثِّر في هذه الحيثية وإن كانت دخيلة في شرافة الراوي مثل كونه هاشميا أو أكثر صحبة مع الإمام عليهالسلام أو كونه متشرِّفا بمعاصرة ثلاثة منهم عليهمالسلام أو أكثر ، وغير ذلك.