.................................................................................................
______________________________________________________
وهذا المعنى يستفاد من الأدلة الأوّلية على حجية خبر الواحد ومن الأدلة الثانوية أعني أخبار العلاج من حيث الترجيح بالصفات وبعض التعليلات الواردة فيها ، فمن الأدلة الأوّلية جوابه عليهالسلام «نعم» لعبد العزيز بن المهتدي السائل عن وثاقة يونس بن عبد الرحمن وأهليته لأن يأخذ منه معالم الدين ، لظهوره ـ بل صراحته ـ في أنّ حجية خبر الثقة تكون من جهة كشفه عن الواقع ، إذ لا يراد بمعالم الدين ومعارفه سوى الأحكام الواقعية.
ومن الأدلة الثانوية ترجيح أحد الخبرين المتعارضين بصفات الراوي كالأعدلية والأفقهية والأصدقية ، وبالشهرة معلّلا بـ «أن المجمع عليه لا ريب فيه» ونحو ذلك مما يدل على أن الغرض من العمل بخبر الثقة هو تحصيل المطلوب الأقصى أعني الوصول إلى الأحكام الواقعية المنجزة على المكلفين بالعلم الإجمالي أو الاحتمال.
وعليه فالبحث عن حكم المتعارضين على السببية إنما هو لاستيفاء جهات البحث ، لا للمصير إليها.
الثاني : أن الملاك في حجية الأمارة على الطريقية هو غلبة الإيصال نوعا واحتمال الإصابة شخصا ، ولا تدور الحجية مدار مطابقة كل واحد من المصاديق للواقع ، كما لا يناط عدم الحجية بعدم المطابقة ، فالإيصال إلى الواقع ليس علة لحجية الأمارة بل هو حكمة لها. فإذا اعتبر الشارع خبر العدل أو الثقة حجة على الطريقية فمعناه كشف خبره عن الواقع غالبا ، ولا يعتبر إصابة كل واحد من أفراد طبيعي خبر العدل بالواقع ، إذ لا معنى لدوران الحجية مدار صدق كل خبر عدل أو ثقة ، فإنّه لو أحرز صدقه ومطابقته للواقع كان جعل الحجية له لغوا ، لأنه من إحراز ما هو محرز بالوجدان بالتعبد. ولو لم يحرز صدقه كان الخبر المشكوك الصدق شبهة موضوعية لعموم دليل الاعتبار ، وقد تقرّر عدم حجية الدليل في الشبهة المصداقية.
وعليه يكون تمام الموضوع لدليل الاعتبار هو خبر العدل أو الثقة ، فإن كان مصيبا فقد تنجز الواقع به ، وإن كان مخطئا فقد أعذر المكلف في مخالفة الواقع. ولمّا لم يكن للخبر الموصل علامة تميزه عن غير الموصل أمر الشارع بمتابعة خبر العدل مطلقا حتى إذا ترتب عليه فوت الواقع أحيانا.