.................................................................................................
______________________________________________________
وفي المقام احتمال ثالث له وجه وجيه ، وهو ما نبّه عليه سيدنا الفقيه الأعظم الأصفهاني «قده» من أنه ينبغي جعل هذا المقصد الثامن تتمة لمباحث حجية خبر الواحد ، لرجوع البحث فيه إلى حجية الخبر المعارض وعدمها ، كحجية خبر غير المعارض ، فراجع تقرير بحثه الشريف (١).
وأما الجهة الثانية ، فتقريبها : أنهم جعلوا عنوان هذه المباحث تارة «التعادل والترجيح» بلفظ المفرد ، أو «التراجيح» بصيغة الجمع ، المذكورين في عدة من كتب الأصول ، وأخرى «تعارض الأدلة» كما في المتن وعدّة أخرى من العبارات. والظاهر أولوية التعبير الثاني من الأوّل ، لأن «تعارض الأدلة» عنوان جامع لكل من المتعارضين المتعادلين في المزايا ، والواجد أحدهما لمزيّة دون الآخر. ومع كون نفس الكلي ـ مع الغض عن خصوصيات أفراده ـ ذا حكم فالأنسب جعل نفسه عنوان البحث دون أفراده ، ومن المعلوم أن لنفس التعارض أحكاما ، مثل كون الأصل فيه التساقط أو التخيير ، ومثل أولوية الجمع بينهما مهما أمكن من الطرح ، ونحوهما.
مضافا إلى مناسبة هذا العنوان لما ورد في بعض أخبار العلاج أعني به مرفوعة زرارة التي فيها «الخبران المتعارضان».
ولعلّ نظر المحقق القمي «قده» ـ في الجمع بين الألفاظ الثلاثة المذكورة ـ إلى التنبيه على تكفل هذا البحث لأحكام نفس الكلي وأفراده معا ، فتأمل جيّدا.
وأما الجهة الثالثة ، فتقريبها : أنهم اصطلحوا على تسمية الطريق المعتبر في الأحكام بالدليل وفي الموضوعات بالأمارة ، فخبر الثقة إن كان مؤدّاه حكما شرعيا كوجوب صلاة الجمعة كان الخبر دليلا ، وإن كان موضوعا خارجيا ـ بناء على اعتباره فيها ـ سمّي أمارة كسائر الطرق المثبتة للموضوعات كالبينة والإقرار. لكن الظاهر أن المقصود بهما في المتن أمر واحد ، لأن موضوع البحث في باب التعارض هو الأخبار التي هي أدلة الأحكام ، وعليه يكون عطف «الأمارات» على «الأدلة» تفسيريا.
فان قلت : ان الفقيه كما يثبت له منصب الإفتاء بالأحكام الكلية كذلك يثبت له التصدي للقضاء وفصل الخصومة ، وحينئذ فكما يلزمه تعيين حكم الخبرين المتعارضين
__________________
(١) منتهى الوصول ، ص ٢٥١