ولا يخفى (١) أن اللازم فيما إذا لم تنهض حجة على التعيين أو التخيير بينهما هو (٢) الاقتصار على الراجح منهما ، للقطع (٣) بحجيته تخييرا أو
______________________________________________________
تأسيس الأصل في دوران الحجية بين التعيين والتخيير
(١) غرضه : أنه ـ بعد البناء على حجية أحد المتعارضين بالإجماع والأخبار العلاجية ، دون الأدلة الأوّلية العامة الدالة على حجية خبر الواحد ، لما مرّ سابقا من عدم شمولها للمتعارضين ـ يقع الكلام في أنّهما إن لم يدلّا على التخيير مطلقا أو مع التكافؤ وفقد المزايا المنصوصة أو مطلقا ـ بناء على التعدي عن المرجحات المنصوصة إلى كل مزية توجب أقربية أحدهما إلى الواقع ، بل دلّ الإجماع والأخبار العلاجية على التخيير في الجملة ـ فهل الأصل يقتضي التعيين أم التخيير؟
ذهب المصنف «قده» إلى الأوّل ، بدعوى كون المقام من صغريات التعيين والتخيير في الحجية ، حيث إن خروج ذي المزية عن مقتضى الأصل العقلي وهو عدم الحجية قطعي إمّا تعيينا ، لاحتمال وجوب الترجيح ، وإمّا تخييرا ، لاحتمال عدم وجوبه. وخروج غير ذي المزية عن أصالة عدم الحجية مشكوك فيه ، ومن المقرر في محله كفاية الشك في الحجية في الحكم بعدم الحجية.
والشيخ أيضا اختار ما ذهب إليه المصنف ، حيث قال بعد كون الظاهر هو التوقف والرجوع إلى الأصل في المتعارضين بناء على حجية الأمارات على الطريقية : «إلّا أنّ الدليل الشرعي دلّ على وجوب العمل بأحد المتعارضين في الجملة ، وحيث كان ذلك بحكم الشرع فالمتيقن من التخيير هو صورة تكافؤ الخبرين. أمّا مع مزية أحدهما على الآخر من بعض الجهات فالمتيقن هو جواز العمل بالراجح ، وأمّا العمل بالمرجوح فلم يثبت ، فلا يجوز الالتزام به ، فصار الأصل وجوب العمل بالمرجِّح ، وهو أصل ثانوي ، بل الأصل فيما يحتمل كونه مرجحا الترجيح به».
(٢) خبر «أنّ» يعني : أن اللازم هو الأخذ بالراجح.
(٣) تعليل للزوم الأخذ بالراجح ، وقد مرّ توضيحه بقولنا : «حيث إنّ خروج ذي المزية ... إلخ». وضميرا «بينهما ، منهما» راجعان إلى المتعارضين.