وللفم مجريان أحدهما مجرى اخواته وهو أن يقال فمي والفصيح فيّ في الأحوال الثلاث. وقد أجاز المبرّد أبيّ وأخيّ وأنشد :
وأبيّ مالك ذو المجاز بدار (١)
__________________
(١) صدره (قدر احلك ذا المجاز وقد أرى) قال ثعلب انشد الكسائي بزنبوية قربة من قرى الجبل قبل أن يموت.
قدر احلك ذا المجاز وقد أرى |
|
وأبيّ مالك ذو النجيل بدار |
الا كداركم بذي بقر الحمى |
|
هيهات ذو بقر من المزدار |
اللغة القدر حكم الله وقضاؤه. واحلك بمعنى انزلك. والهمزة فيه للتصيير أي صيرك حالا. وذا المجاز سوق كانت للعرب في الجاهلية على فرسخ من عرفة. وفي الصحاح إنها بمعنى وليس بشيء فان العرب في الجاهلية ما كانوا يبيعون ولا يبتاعون بمنى ، ولا عرفات إعظاما لهما. ورواه ثعلب ذو النجيل بضم النون وفتح الجيم موضع من أعراض المدينة وينبع. ويروى ذو النخيل بالخاء قال ابن الأثير وهو عين قرب المدينة وأخرى قرب مكة وموضع دوين حضرموت.
الاعراب قدر مبتدأ قال ابن هشام في مغنيه : والذي سوغ الابتداء به مع كونه نكرة وصفه بصفة محذوفة كالذي في قولهم شرأهر ذائاب أي قدر لا يغالب وشرأي شر. وأحلك فعل ماض. وفاعله ضمير يعود إلى القدر. والكاف مفعوله. وذا المجاز مفعول ثان. والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. وقد حرف تحقيق. وأرى بمعنى أعلم تنصب مفعولين إلا أنها علقت عن العمل بما النافية. والجملة بعدها سدت مسد مفعوليها. وأبي الواو للقسم وأبي مقسم به. وجواب القسم محذوف يدل عليه مفعول أرى. وجملة القسم معترضة بين أرى ومفعوله. ورواه بعضهم بلا النافية بدل قد. وزعم أن الجملة المنفية جواب القسم. وان مفعولي أرى محذوفان. والتقدير ولا أراك أهلا لذي المجاز. وهذه الرواية منكرة ثم ان المعنى لا يوافق اعرابه. وما نافية. وذو المجاز فاعل لك لاعتماده على النفي أو مبتدأ. ولك خبره. وعليهما فقوله بدار حال وصاحبها ذو المجاز على الأول وضميره المستتر في لك على الثاني أو هو خبر المبتدأ ولك كان في الأصل صفة لدار فلما قدم صار حالا (والشاهد فيه) ان أبي عند المبرد مفرد رد لامه في الاضافة إلى الياء كما ردت في الاضافة إلى غيرها فيكون أصله أبويّ قلبت الواو ياء وادغمت فيها ثم ابدلت الضمة كسرة لئلا تعود الواو. وانكر المصنف ما ذهب إليه المبرد فقال وصحة محمله على الجمع في قوله (وفديننا بالابينا) تدفع ذلك يريد ان أبي جاء على لفظ الجمع ولا قرينة تخلصه للافراد فتعارض