وكذلك إذا قلت ضربت وضربني زيد رفعته لإيلائك إياه الرافع ، وحذفت مفعول الأول استغناء عنه. وعلى هذا أعمل الأقرب أبدا فتقول ضربت وضربني قومك. قال سيبويه ولو لم تحمل الكلام على الآخر لقلت ضربت وضربوني قومك. وهو الوجه المختار الذي ورد به التنزيل قال الله تعالى : (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) و (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَه) وإليه ذهب أصحابنا البصريون وقد يعمل الأول وهو قليل ومنه قول عمر بن أبي ربيعة :
تنخّل فاستاكت به عود إسحل (١)
__________________
أي ترى فينا كمتا. ومدماة صفة كمتا كأن للتشبيه. ومتونها اسمه والضمير فيه إلى الكمت. وجرى فعل ماض فاعله مستتر فيه. وفوقها نصب على الظرفية أي فوق المتون. واستشعرت عطف على جرى. وفاعله مستتر فيه. ولون مفعول به. ومذهب مضاف إليه. وجملة جرى مع معطوفها في محل رفع خبر كأن. وجملة كأن مع إسمها وخبرها في موضع نصب صفة كمتا. (والشاهد فيه) ان جرى واستشعرت لما توجها إلى معمول واحد ظاهر بعدهما اعمل الأقرب وأضمر في الأسبق على طريقة البصريين والمعنى ظاهر.
(١) هذا عجز البيت وصدره (إذا هي لم تستك بعود اراكة). وقد نسبه المصنف هنا إلى عمر بن أبي ربيعة. ونسبه الحرمي إلى المقنع الكندي. والصواب ما قاله الأصمعي من انه لطفيل الغنوي من قصيدة طويلة شبب فيها بامرأة تسمى سعدى ، منها :
ديار لسعدى إذ سعاد جداية |
|
من الادم خمصان الحشى غير خنثل |
اللغة لم تستك من الاستياك يقال سوك فاه واستاك. والأراكة واحدة الاراك الشجر الذي تتخذ منه المساويك وتنخل اختير. والاسحل شجر دقيق الأغصان يشبه الاثل تتخذ منه المساويك.
الاعراب : إذا ظرفية شرطية وهي ضمير منفصل لتعذر اتصاله بعد حذف عامله مثله قوله تعالى (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) تقديره لو تملكون فحذف الفعل الذي هو عامل في الضمير المتصل فصار المتصل منفصلا ثم جيء بالفعل بعده تفسيرا لذلك الفعل المحذوف. ولم تستك جازم وفعل مضارع مجزوم فاعله مستتر فيه. وبعود اراكة متعلق به. وقوله تنخل فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله جزاء الشرط. وعود اسحل نائب الفاعل. وقوله فاستاكت عطف على تنخل وهو فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه. وبه جار ومجرور في محل نصب مفعول استاكت. (والشاهد فيه) انه اعمل الفعل الأول وأضمر في الثاني لأن تقدير الكلام