فقدّمت الصفة على الموصوف. وكذلك قول الشاعر [من الكامل] :
١٠٥ ـ يا قرّ إنّ أباك حيّ خويلد |
|
قد كنت خائفه على الأحماق |
أراد : خويلدا الحيّ ، فقدّم الصفة وأضافها إلى الموصوف. والموصوف المضاف إلى صفته ، نحو قوله تعالى : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) (١) ، وقولهم : صلاة الأولى ومسجد الجامع ، المعنى : الدار الآخرة ، والصلاة الأولى ، والمسجد الجامع.
والصحيح أنّ إضافة ذلك كله غير محضة لما يذكر في موضعه إن شاء الله تعالى.
وأعرف هذه المعارف المضمرات ، ثم الأعلام ، ثم المشار ، ما عرّف بالألف واللام. وقد تقدّم أن الموصول في التعريف بمنزلة ما عرف بالألف واللام. وما أضيف إلى معرفة من هذه المعارف فهو بمنزلة ما أضيف إليه إلّا المضاف إلى المضمر فإنه في رتبة العلم. هذا مذهب سيبويه وهو الصحيح (٢).
وخولف سيبويه في ذلك في المشار والمضاف إلى معرفة ؛ فأمّا المشار فزعم الفراء أنه
______________________
١٠٥ ـ التخريج : البيت لجبار بن سلمى في خزانة الأدب ٤ / ٣٣٤ ؛ وذيل سمط اللآلي ص ٥٤ ؛ ونوادر أبي زيد ص ١٦١ ؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١ / ٤٤٣ ؛ والخصائص ٣ / ٢٨ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٤٥٣ ؛ وشرح المفصل ٣ / ١٣ ؛ والمقرب ١ / ٢١٣.
اللغة : قرّ : مرخّم قرّة وهي الضفدع. الأحماق : جمع حمق وهو الخفيف اللحية.
المعنى : أيتها الضفدع ، ها هو أبوك خويلد حيّ يرزق ، كنت أخاف منه على الصغار الذين لم تنبت لحاهم بعد.
الإعراب : يا قرّ : «يا» : حرف نداء ، «قر» : منادى مرخم مبني على الضمّ المقدّر على التاء المحذوفة للترخيم ، في محلّ نصب مفعول به لفعل النداء المحذوف. إن أباك : «إن» : حرف مشبّه بالفعل ، «أبا» : اسمها منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة ، و «الكاف» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. حي : خبر (إنّ) مرفوع بالضمّة. خويلد : مضاف إليه مجرور بالكسرة. قد كنت : «قد» : حرف تحقيق ، «كنت» : فعل ماض ناقص مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع اسم (كان). خائفة : خبر (كان) منصوب بالفتحة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به لاسم الفاعل (خائف) أو مضاف إليه على اللفظ. على الأحماق : جار ومجرور متعلّقان بـ (خائف).
وجملة النداء : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «إنّ أباك حيّ» : استئنافيّة لا محلّ لها. وجملة «قد كنت خائفه» : خبر لـ (إنّ) محلها الرفع.
والشاهد فيه قوله : «أباك حيّ خويلد» حيث قدم الصفة (حي) على الموصوف (خويلد) ثم جعل الموصوف مضافا إلى الصفة ، والتقدير (أباك خويلدا الحيّ).
(١) يوسف : ١٠٩.
(٢) انظر المسألة الواحدة بعد المئة في الإنصاف في مسائل الخلاف ص ٧٠٧ ـ ٧٠٩.