أي : ليس لها أثر يستبان لقدم عهدها بالنزول ، ولو كان لها أثر يستبان لكان ما تبيّن من أثرها كلاما لها.
ومما يدلّ على أنّ المعنى القائم في النفس وما يفهم من حال الشيء يسمى كلاما ، تسميتهم إيّاهما قولا. قال الله تعالى : (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ) (١). فجعل المعاني التي في النفس قولا. وقال النابغة [من البسيط] :
٤ ـ قالت له النّفس إنّي لا أرى طمعا |
|
[وإنّ مولاك لم يسلم ولم يصد] |
فأضاف القول إلى النفس. وقال تعالى : (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ
______________________
ـ ومجرور متعلّقان بصفة ثانية لـ (دمنة) أو بحال من فاعل (تكلم). الدراج : مضاف إليه مجرور بالكسرة. فالمتثلم : «الفاء» : للعطف ، «المتثلم» : اسم معطوف على (الدراج) مجرور بالكسرة.
وجملة «أموجودة دمنة» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «لم تكلّم» : في محل رفع صفة لـ (دمنة).
وجاء بالبيت شاهدا على ما يفهم من حال الشيء ، فزهير بن أبي سلمى أوضح أنّ الآثار قد زالت فلم يبق منها ما «يتكلّم».
(١) المجادلة : ٨.
٤ ـ التخريج : البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٢٠ ؛ وخزانة الأدب ٣ / ١٨٧ ؛ وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٤٧٦.
المعنى : همس في نفسه لا أرى لك مطمعا فيما تقاتل من أجله ، وصاحبك لم يقدر على الصيد ، ولم يسلم ، فالفرار أولى لك. يتحدّث زياد بن عمرو (النابغة الذبياني) عن قتال الكلاب مع الثور.
الإعراب : قالت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. له : جار ومجرور متعلقان بـ (قالت). النفس : فاعل مرفوع بالضمة. إني : «إن» : حرف مشبّه بالفعل ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ نصب اسم «إنّ». لا أرى : «لا» : حرف نفي ، «أرى» : فعل مضارع مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا). طمعا : مفعول به منصوب بالفتحة. وإنّ : «الواو» : للعطف ، «إن» : حرف مشبّه بالفعل.
مولاك : اسم «إن» : منصوب بفتحة مقدّرة على الألف ، و «الكاف» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. لم يسلم : «لم» : حرف جزم وقلب ونفي ، «يسلم» : فعل مضارع مجزوم بالسكون ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). ولم يصد : «الواو» : للعطف ، «لم» : حرف جزم ونفي وقلب ، «يصد» : فعل مضارع مجزوم ، وحرّك بالكسرة لضرورة القافية.
وجملة «قالت له النفس» : جواب شرط غير جازم ، لا محلّ لها. (فعل الشرط في البيت السابق). وجملة «إني لا أرى» : في محلّ نصب مفعول به (مقول القول). وجملة «لا أرى» : في محلّ رفع خبر (إنّ). وجملة «وإن مولاك ...» : معطوفة على جملة «إني لا أرى» في محلّ نصب. وجملة «لم يسلم» : في محلّ رفع خبر «إن». وجملة «لم يصد» : معطوفة على سابقتها في محلّ رفع.
وجاء بالبيت شاهدا على أن نجوى النفس وهي لا تسمع تدعى قولا.