فجعل الإشارة بالعين كلاما.
ومنه الخطّ ، ودليله تسمية المكتوب بين دفّتي المصحف كلام الله تعالى. وتقول : «رأيت كلاما» ، وإن كنت إنّما رأيت خطا منبئا عن كلام.
ومنها اللفظ المركب غير المفيد ، يقال : «تكلّم» ، وإن لم يفد ، ومنها اللفظ المركب المفيد بغير الوضع ، يقال : «تكلّم ساهيا ونائما» ، ومعلوم أنّ الساهي والنائم لم يضعا لفظهما للإفادة ولا قصداها.
ومنها اللفظ المركّب المفيد بالوضع ، وهذا الأخير هو الذي أراد أبو القاسم بالكلام ، لأنّ هذا هو الذي اصطلح النحويون على تسميته كلاما. ألا ترى أنّ النحويّين إنما يتكلمون في أحكام هذا القسم الأخير ولا يتكلمون في أحكام الإشارة ، ولا غير ذلك مما يسمّى كلاما والعذر له ، في أن لم يبيّن ما أراد بالكلام الإحالة على العرف بالكلام ، إذ الكلام عرفا ، إنّما هو هذا القسم الأخير وأراد بالأقسام الأجزاء أو المواد التي يأتلف منها الكلام ، وذلك تسامح منه ، لأنّ الأقسام إنّما تطلق على ما يصدق عليه اسم المقسوم ، واسم المقسوم هنا وهو الكلام ، لا يصدق على الاسم ولا على الفعل ولا على الحرف.
ويترتب على قوله : أقسام الكلام ثلاثة أسئلة :
الأول : ما الدليل على أنّ هذه الثلاثة خاصة؟ بل لعلّها أزيد.
الثاني : كيف قال : اسم وفعل وحرف ، فأفرد. وإنّما أقسام الكلام : الأسماء والأفعال والحروف كلّها؟
الثالث : لم خصّ بـ «مجيئه لمعنى» الحرف ، والاسم والفعل قد جاءا لمعنى؟
______________________
ـ الإعراب : إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان ، متضمّن معنى الشرط متعلق بالفعل (رددت). كلّمتني : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). بالعيون : جار ومجرور متعلقان بـ (كلمتني). الفواتر : صفة (العيون) مجرورة بالكسرة. رددت : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. عليها : جار ومجرور متعلقان بـ (رددت). بالدموع : جار ومجرور متعلقان بـ (رددت). البوادر : صفة (الدموع) مجرورة بالكسرة.
وجملة «كلمتني» : في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة «رددت» : لا محلّ لها (جواب شرط غير جازم). وجملة «إذا كلمتني ... رددت» ابتدائية لا محل لها.
وجاء بالبيت شاهدا على أن الإشارة من أجناس الكلام أيضا.