[٩ ـ أم] :
وأما «أم» فتكون متّصلة ومنفصلة ، فالمنفصلة يتقدمها الاستفهام والخبر ، ولا يقع بعدها إلا الجملة ، وتقدّر وحدها بـ «بل» والهمزة وجوابها «نعم» أو «لا» ، ومثال ذلك : «أقام زيد أم عمرو قائم»؟ و «قام زيد أم عمرو منطلق»؟
فـ «أم» في المسألة الأولى قد تقدّمها الاستفهام وفي الثانية الخبر ، ووقع بعدها في المسألتين جملة ، وتقدّر فيهما بـ «بل» والهمزة ، كأنّك قلت : بل أعمرو قائم ، أو بل أعمرو منطلق ، وجوابها «نعم» ، أو «لا» ، ألا ترى أنّ القائل : «أعمرو قائم»؟ و «أعمرو منطلق»؟ أنّ جوابه «نعم» أو «لا»؟.
وسمّيت «أم» هذه المنفصلة لأنّ ما بعدها كلام مستأنف منقطع ممّا قبلها ، وليست بعاطفة ، لأنّ ما بعدها ليس مع ما قبلها كلاما واحدا بل كلام مستأنف منقطع ، وحروف العطف ما بعدها مع ما قبلها كلام واحد.
والمتّصلة لا يتقدمها إلّا الهمزة ولا يقع بعدها إلّا المفرد أو ما هو في تقديره وتقدّر مع الهمزة بـ «أي». وجوابها أحد الشيئين أو الأشياء. ومثالها : «أقام زيد أم عمرو» ، فـ «أم» هذه قد تقدّمتها الهمزة ووقع بعدها «عمرو» وهو مفرد ، وتقدر مع الهمزة بـ «أيّ» ، كأنّه قال : «أيّهما قام زيد أم عمرو»؟ وجوابها أحد الشيئين ، وهو زيد أو عمرو ، أو الأشياء إن قلت : «أقام زيد أم عمرو أم جعفر أم خالد»؟
ومثال ما هو في تقدير المفرد بعدها : «أقام زيد أم قعد»؟ تريد أيّهما فعل القيام أم القعود؟ فوقع «أم قعد» موضع القعود في المعنى ، وهذه هي العاطفة لأنّ ما بعدها مع ما قبلها كلام واحد ولم ترد الاستئناف كما أردت في الأول. فإن قال قائل : فكيف قال ذو الرمة [من الطويل] :
١٣٥ ـ تقول عجوز مدرجي متروّحا |
|
على بابها من عند أهلي وغاديا |
أذو زوجة في المصر أم ذو خصومة |
|
أراك لها بالبصرة العام ثاويا |
فقلت لها : لا إنّ أهلي جيرة |
|
لأكثبة الدهنا جميعا وماليا |
[وما كنت مذ أبصرتني في خصومة |
|
أراجع فيها يا ابنة الخير قاض] |
______________________
١٣٥ ـ التخريج : الأبيات لذي الرمة في ديوانه ص ١٣١١ ـ ١٣١٣ ؛ والأوّل منها مع نسبته في ـ