حرف ابتداء ، وخرجت من باب العطف ، ويكون معناها الاستدراك وتكون الجملة التي بعدها مضادّة لما قبلها في المعنى ، نحو قولك : «قام زيد لكن عمرو لم يقم» ، و «ما قعد بكر لكن قعد عمرو». ولا يجوز أن تكون موافقة لها ، لا تقول : «ما قام زيد لكن ما قام عمرو».
واختلف هل يجوز أن تكون غير مضادّة لما قبلها أو لا يجوز ، نحو : «قام زيد لكن خرج عمرو» ، فمنهم من أجاز ومنهم من منع ، وهذا الصحيح ، لأنه لا يحفظ مثله من كلام العرب.
وإن وقع بعدها مفرد ، كانت حرف عطف ، ويكون معناها الاستدراك ولا يعطف بها إلّا بعد نفي ، نحو قولك : «ما قام زيد لكن عمرو» ، فاستدركت القيام الذي نفيته عن زيد لعمرو بـ «لكن» ، ولو قلت : «قام زيد لكن عمرو» ، لم يجز (١).
[١٣ ـ عطف الأسماء بعضها على بعض] :
واعلم أنّه يجوز عطف الأسماء بعضها على بعض من غير شرط ، إلّا ضمير الرفع المتصل وضمير الخفض.
فأما ضمير الرفع المتصل فلا يعطف عليه إلّا بعد تأكيد ، بضمير رفع مثله منفصل ، أو بطول يقوم مقام التأكيد ، فمثال العطف عليه بعد التأكيد قوله تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (٢) ، فـ «أنت» تأكيد للضمير المستتر في «اسكن» ، و «زوجك» معطوف على ذلك الضمير المستتر.
والطول القائم مقام التأكيد هو أن يقع قبل حرف العطف والمعطوف معمول للعامل في الضمير المعطوف عليه ، أو يقع بعد حرف العطف «لا».
فمثال الفصل بمعمول العامل في الضمير المعطوف عليه قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) (٣) ، فقوله تعالى : (وَمَلائِكَتُهُ ،) معطوف على الضمير الذي في
______________________
(١) وجوّز ذلك الكوفيّون. انظر المسألة الثامنة والستين في الإنصاف في مسائل الخلاف ص ٤٨٤ ـ ٤٨٨.
(٢) البقرة : ٣٥.
(٣) الأحزاب : ٤٣.