ومثال ما هو في موضع رفع : «ما جاءني من أحد» ، لأنّه كان قبل حرف الجر : ما جاءني أحد ، ولو عطفت على موضعه لقلت : «ما جاءني من أحد ولا امرأة» ، برفع امرأة.
وقسم لفظه رفع وموضعه جزم وهو الفعل المرفوع بعد الفاء في الجواب في قوله : «إن يقم زيد فيقوم عمرو» ، فلفظه رفع وموضعه جزم ، بدليل أنّه لو لا الفاء لكان مجزوما ، فلو عطفت على الموضع لجزمت ، وقد قرىء : (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) (١) ، برفع «يعذّب» وجزمه ، وسنبيّن ذلك في بابه إن شاء الله تعالى.
[١٨ ـ تعدّد العطف] :
ويجوز أن تعطف بحرف العطف اسما فصاعدا على اسم مثله فصاعدا فتقول : «ضرب زيد عمرا وبكر خالدا» ، فتعطف بالواو بكرا وخالدا على زيد وعمرو. وتقول : «ظنّ زيد عمرا منطلقا وبكر جعفرا مقيما» ، فتعطف بالواو بكرا وجعفرا ومقيما على زيد وعمرو ومنطلق ، وتقول : «أعلم عبد الله بشرا أخاك منطلقا وزيد عمرا بكرا ضاحكا» ، فتعطف بالواو زيدا وعمرا وبكرا وضاحكا على عبد الله وبشر وأخيك ومنطلق.
وكلّ ذلك جائز ما لم يؤدّ إلى العطف على عاملين ، فإنّ ذلك لا يجوز ، فلا يجوز أن تقول : «مرّ زيد بعمرو وبكر خالد» ، فتعطف «بكرا» على «عمرو» و «خالدا» على «زيد» ، لأنّ ذلك يؤدّي إلى نيابة الواو مناب «مرّ» ، وهو العامل في «زيد» ومناب الباء ، وهي العاملة في «عمرو» ، ويكون التقدير : «ومرّ ببكر خالد» ، فتكون الواو تعطي معنى الباء ومعنى الفعل ،
______________________
ـ محل رفع اسم (ليس). «بالجبال» : «الباء» : حرف جر زائد ، «الجبال» : اسم مجرور لفظا منصوب محلّا على أنه خبر (ليس). «ولا» : «الواو» : للعطف ، «لا» : نافية لا عمل لها. «الحديدا» : معطوف على محل خبر (ليس) منصوب بالفتحة ، و «الألف» : للإطلاق.
وجملة النداء : «يا معاوي» ابتدائية. وجملة «إننا بشر» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «فأسجح» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «لسنا بالجبال» : استئنافية لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «بالجبال ولا الحديدا» حيث عطف «الحديد» المنصوبة ، على «الجبال» المجرورة لفظا ، على أساس محلّها ، وهو النصب.
(١) البقرة : ٢٨٤.