فإنّما جاز العطف هنا بالفاء لأنّ الكلام على حذف مضاف ، كأنّه قال : بين نواحي الدخول. ونظير ذلك قوله [من الخفيف] :
١٦٣ ـ ربّما ضربة بسيف صقيل |
|
بين بصرى وطعنة نجلاء |
يريد بين نواحي بصرى ، وقد يجوز ألا تحتاج إلى هذا التقدير لأن الفاء قد تكون مرتّبة بالنظر إلى الذكر ، فتكون إذ ذاك بمنزلة الواو ، وممّا يؤكد أنّ الفاء هنا بمنزلة الواو رواية الأصمعي : «بين الدخول وحومل» بالواو.
[٢٠ ـ الاشتراك بحروف العطف]
وجميع حروف العطف يشترك ما بعدها مع ما قبلها في العامل إذا عطفت مفردا على مفرد ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «قام زيد فعمرو» ، أنّ التقدير : فقام عمرو ، وكذلك في سائر مسائل العطف إلّا بالواو فإنّها تنقسم قسمين : جامعة غير مشرّكة وجامعة مشرّكة ، فمثال المشرّكة : «قام زيد وعمرو» ، ألا ترى أنك لو قلت : «قام زيد وقام عمرو» لساغ ، وغير المشرّكة في مثل : «اختصم زيد وعمرو».
ألا ترى أنك لو قلت : «اختصم زيد واختصم عمرو» ، لم يجز ، لأن «اختصم» لا يستقل بفاعل واحد. وكذلك أيضا : «هذان زيد وعمرو» ، الواو غير مشركة. ألا ترى أنّك لو
______________________
ـ الشاهد فيه قوله : «بين الدخول فحومل» حيث جاز العطف هنا بالفاء لأن الكلام يجري على حذف مضاف ، والتقدير : بين نواحي الدخول.
١٦٣ ـ التخريج : البيت لعدي بن الرعلاء في الأزهية ص ٨٢ ، ٩٤ ؛ والاشتقاق ص ٤٨٦ ؛ والأصمعيات ص ١٥٢ ؛ والحماسة الشجرية ١ / ١٩٤ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٥٨٢ ، ٥٨٥ ؛ والدرر ٤ / ٢٠٥ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢١ ؛ وشرح شواهد المغني ص ٧٢٥ ؛ ومعجم الشعراء ص ٢٥٢ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٣٤٢ ؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٤٩٢ ؛ وجواهر الأدب ص ٣٦٩ ؛ والجنى الداني ص ٤٥٦ ؛ ورصف المباني ص ١٩٤ ، ٣١٦ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٢٩٩ ؛ ومغني اللبيب ص ١٣٧ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٣٨.
شرح المفردات : الصقيل : المجلوّ. بصرى : اسم مدينة من أعمال الشام. النجلاء : الواسعة.
الإعراب : «ربّما» : «ربّ» : حرف جرّ شبيه بالزائد ، «ما» : زائدة. «ضربة» : اسم مجرور لفظا مرفوع محلّا على أنّه مبتدأ. «بسيف» : جار ومجرور متعلّقان بـ «ضربة» ، أو بمحذوف نعت «ضربة». «صقيل» : نعت «سيف» «بين» : ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف نعت «ضربة» وهو مضاف. «بصرى» : مضاف ـ