وهذا هو التوكيد الذي يراد به تمكين المعنى في النفس. وذلك أنّ القائل : «قام زيد» ، قد يقول ذلك عن غير تحقيق منه ، وقد يقول ذلك ويذهل عن سماعه المخاطب ، فإذا أكّد فقال : «قام زيد قام زيد» ، كان في ذلك محافظة على الكلام في حق المخاطب وتحقيق لذلك الكلام ، وأنّه لم يكن عن ظن.
[٢ ـ قسما التوكيد المعنويّ] :
والتوكيد المعنوي ينقسم قسمين ، قسم يراد به إزالة الشك عن الحديث وقسم يراد به إزالة الشك عن المحدّث عنه.
فالذي يراد به إزالة الشك عن الحديث هو التوكيد بالمصدر ، نحو قولك : «مات زيد موتا» ، و «قتلت عمرا قتلا» ، وذلك أنّ الإنسان قد يقول : «مات فلان» ، مجازا وإن كان لم يمت ، أي : كاد يموت. وكذلك «قتلت زيدا» ، قد يقوله ولم يقتله ، أي : بلغت به القتل ، فإذا قال : «مات عمرو موتا» ، و «قتلت زيدا قتلا» ، كان الموت والقتل حقيقيين.
فإن قال قائل : فكيف قال الشاعر [من الطويل] :
١٦٨ ـ بكى الخزّ من روح وأنكر جلده |
|
وعجّت عجيجا من جذام المطارف |
______________________
ـ المعنى : يذم الشيخ الفاني الذي يحاول ما لا يقدر عليه ، فيزجره بقوله : أعد حبلك إلى مجراه ، أو عد إلى الخلف فأنت لا تحسن استخراج الدلو.
الإعراب : «بئس» : فعل ماض جامد لإنشاء الذم. «مقام» : فاعل مرفوع بالضمّة. «الشيخ» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «أمرس» : فعل أمر مبني على السكون ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره «أنت». «أمرس» : توكيد لفظي. «إمّا» : حرف للتفصيل. «على قعو» : جار ومجرور متعلقان بالفعل «أمرس». «وإما» : «الواو» : حرف عطف ، «إما» : حرف للتفصيل. «اقعنسس» : فعل أمر مبني على السكون ، وحرّك بالكسر للضرورة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت).
وجملة «بئس مقام الشيخ» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «أمرس» : في محلّ نصب مفعول به (أو نائب فاعل) لاسم فاعل محذوف والتقدير : (بئس مقام الشيخ مقولا فيه أمرس). وجملة «اقعنسس» : معطوفة على جملة «أمرس».
والشاهد فيه قوله : «أمرس» حيث أكّد الجملة «أمرس» بتكرارها ثانية.
١٦٨ ـ التخريج : البيت لحميدة بنت النعمان في سمط اللآلي ص ١٨٠ ؛ ومعجم الأدباء ١١ / ٢٠ ؛ ـ