«حسن» فكذلك لا يؤتى بـ «أكتع» إلّا بعد «أجمع». فأما قوله [من الطويل] :
١٧٢ ـ ترى الثّور فيها مدخل الظّلّ رأسه |
|
وسائره باد إلى الشّمس أكتع |
فاستعمل «أكتع» غير تابع لـ «أجمع» ، ووجهه أنّه محمول على البدل لا على التأكيد.
[٣ ـ الأسماء المؤكدة] :
ويجوز تأكيد الأسماء كلّها إلّا النكرة ، فإنّها لا تؤكّد على كلّ حال خلافا لأهل الكوفة ، فأنّهم يجيزون تأكيد النكرة بشرط أن تكون متبعّضة ويكون التوكيد بـ «كلّ» وما في معناها ، نحو قولك : «أكلت رغيفا كلّه». ولا يجوز أن تقول : «أكلت رغيفا نفسه». وسبب ذلك أنّ التوكيد بالنفس والعين لا فائدة فيه في النكرة ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «ضربت زيدا نفسه» ، أفدت بالتأكيد بالنفس أنّ المضروب زيد لا من هو منه بسبب. فإذا قلت : «أهنت زيدا» ، احتمل أن تريد أنّك أهنت أباه فتجوّزت ، فجعلت إهانتك لأبيه إهانة له.
وإذا قلت : «رأيت رجلا نفسه» ، لم يكن في تأكيد الرجل بالنفس فائدة إذ المفهوم من : «رأيت رجلا» ، ومن : «رأيت رجلا نفسه» ، واحد وهو رجل غير معيّن ، وفي توكيد النكرة المتبعّضة بـ «كلّ» وما في معناها فائدة ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «أكلت رغيفا» ،
______________________
١٧٢ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في أمالي المرتضى ١ / ٢١٦ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٢٣٥ ؛ والدرر ٦ / ٣٧ ؛ والكتاب ١ / ١٨١ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٢٣. ويروى «أجمع».
المعنى : في وقت الهاجرة ، وقت اشتداد الحر ، ترى الثور قد أدخل رأسه في الظل ، وبقي جسمه كلّه ظاهرا تحت الشمس المحرقة.
الإعراب : ترى : فعل مضارع مرفوع بضمّة مقدّرة على الألف ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت). الثور : مفعول به منصوب بالفتحة. فيها : جار ومجرور متعلّقان بـ (ترى). مدخل : حال منصوبة بالفتحة. الظلّ : اسم منصوب بنزع الخافض. رأسه : مفعول به لاسم الفاعل (مدخل) منصوب بالفتحة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. وسائره : «الواو» : حاليّة ، «سائر» : مبتدأ مرفوع بالضمة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. باد : خبر مرفوع بضمّة مقدّرة على الياء المحذوفة. إلى الشمس : جار ومجرور متعلّقان بـ «(باد). أكتع : توكيد (سائر) مرفوع بالضمّة ، أو بدل منه.
وجملة «ترى الثور» : ابتدائيّة لا محلّ لها. وجملة «سائره باد» : في محلّ نصب حال.
والشاهد فيه قوله : «وسائره .. أكتع» حيث أكّد بـ (أكتع) دون أن تكون تالية لـ (أجمع) ، وخرّج أنّه محمول على البدل لا على التوكيد.