[٤ ـ اجتماع التوابع] :
وإذا اجتمعت التوابع بدأت بالنعت ، ثمّ بالتوكيد ، ثمّ بالبدل ، ثمّ بالعطف ، وسبب تقدّم النعت على التوكيد أنّك لا تؤكّد الشيء إلّا بعد معرفته واستقراره ، ولذلك لم تؤكّد النكرة كما تقدم.
وسبب تقدّم التأكيد على البدل أنّك لو قدّمت البدل ، لكنت من حيث أبدلت قد نويت بالأول الطرح من جهة المعنى ومن حيث أكّدت بعد ذلك يكون بمنزلة المعتمد عليه الذي لم تنو به طرحا ، وذلك تناقض. وقدّم البدل على العطف لأنّ البدل على كل حال مبيّن للأول ، وكأنه من كماله ، ولا يعطف على الاسم إلّا بعد كماله ، والعطف ليس بمبيّن له ، فلم يجر لذلك مجرى المكمّل له.
فإن لم تأت ببعض هذه التوابع أتيت بما بقي على الترتيب المذكور.
وينبغي أن يعلم أنّ التأكيد بكلّ وأجمع لا فرق بينهما في المعنى ، فإذا قلت : «قام القوم كلّهم» ، أو «قام القوم أجمعون» ، فالمعنى واحد.
وذهب بعض النحويين إلى التفريق بينهما ، فقال : إذا قلت : «قام القوم كلّهم» ، احتمل أن يكون القوم في وقت القيام مجتمعين أو متفرقين ، فإذا قلت : «قام القوم أجمعون» ، أفاد ذلك أنّ القوم مجتمعون في وقت القيام. والصحيح أنّه لا فرق بينهما بدليل قوله تعالى : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١) ، ومعلوم أنّهم ليسوا مجتمعين في جهنّم بل منهم من هو في الدرك الأسفل منها ، ومنهم من هو بخلاف ذلك ، فدلّ ذلك على فساد مذهبه.
[٥ ـ ألفاظ التوكيد الممنوعة من الصرف] :
وما كان من ألفاظ التأكيد على وزن «أفعل» كأجمع ، أو «فعلاء» كجمعاء ، أو «فعل» كجمع فإنه لا ينصرف.
______________________
(١) السجدة : ١٣.