القياس «درع» ، ولم يثبت العدل عن «فعالى» إلى «فعل» في موضع من المواضع.
[٦ ـ ما يجري مجرى «كل»] :
وقد تجري العرب ـ مجرى «كلّ» في التأكيد ـ اليد ، والرجل ، والذراع ، والضرع ، والظهر ، والبطن ، والسهل ، والجبل ، والصغير ، والكبير ، والقويّ ، والضعيف ، فتقول : «ضرب زيد الظهر والبطن» ، و «ضرب عمرو اليد والرجل» ، وكذلك : «ضربت القوم كبيرهم وصغيرهم وقويّهم وضعيفهم» ، و «مطرنا السهل والجبل». والدليل على أنّ مجيئها الأول على معنى التأكيد كونك قد أخرجتها عن معناها إلى العموم ، ألا ترى أنّها لو لم تخرج عن أصلها وتلحق بباب التأكيد ، لم تعط العموم.
وكذلك أيضا تجري العرب مجرى التأكيد كلّ أسماء العدد من الثلاثة إلى العشرة ، فتقول : «مررت بالقوم ثلاثتهم وأربعتهم إلى العشرة». فأما ما جاوز العشرة ففيه خلاف. فمنهم من أجاز ذلك ، ومنهم من لم يجزه ، والصحيح إجازته ، وقد فعل ذلك الأخفش. وفيه ـ إذا كان العدد مفسرا بواحد منصوب ـ ثلاثة أوجه :
منهم من يضيف العدد إلى ضمير الاسم المؤكّد ، فيقول : «أحد عشرهم وعشروهم» ، وهذا أضعف الأوجه لخروج العدد بذلك عمّا استقر فيه من نصب تمييزه. ومنهم من يبقي التمييز ظاهرا. ومنهم من يحذف التمييز لفهم المعنى ، فيقول : «مررت بالقوم أحد عشر رجلا وأحد عشر» ، و «مررت بالقوم عشرين رجلا وعشرين» ، فإن قال قائل : ما الدليل على أنّك إذا قلت : «مررت بالقوم ثلاثتهم» ، على جهة التأكيد ولعلّه بدل؟ فالجواب : إنّ الذي يدلّ على ذلك أنّك لا تقول : «مررت بالقوم ثلاثتهم» إلّا إذا كانوا ثلاثة ، فلو لا أنه قد أخرج عن معناه إلى معنى التأكيد لما جاز ذلك ، لما يلزم من إضافة الشيء إلى نفسه ، لأنّ الثلاثة هم القوم من غير زيادة ولا نقصان ، فلمّا لحظ فيه معنى كلّهم جازت الإضافة كما يجوز في «كلّ» ، وإن كان ما بعد «كلّ» هو كلّ في المعنى. وجاز ذلك في «كلّ» حملا على نقيضها وهو «بعض» ، وأيضا فإنّ كلّ الشيء هو جميع أبعاضه ، فكما تقول : «استوفيت أبعاض القوم بالضرب» ، فتضيف «الأبعاض» إلى «القوم» ، فكذلك تفعل في «كلّ».