فصلة «اللواتي» و «التي» محذوفة لدلالة «يزعمن» عليها.
وإنما كان الاعتراض بذلك فاسدا لأن الموصول يدل على معنى في نفسه لكن مع غيره ، والدليل على ذلك أن الموصول لا يغيّر معنى ما يدخل عليه ، تقول : زيد أبوه قائم ، فيكون المفهوم من الجملة التي هي : أبوه قائم بعد الذي ما كان مفهوما منها قبل دخول «الذي» عليها ، والحرف يغيّر معنى ما يدخل عليه ، تقول : «قبضت الدراهم» ، فتكون الدراهم تعطي معنى العموم ، فإذا قلت : «قبضت من الدراهم» ، خرجت «الدراهم» من العموم بالنص ، وكان المقبوض بعضها.
ولا يعترض على ذلك بأسماء الشرط ، فيقال : هي أسماء وقد دلت على معنى في غيرها ، ألا ترى أنها أحدثت فيما بعدها معنى الشرط وقد كان قبل دخولها ليس كذلك؟ لأن حد الاسم : ما دلّ على معنى في نفسه ، لا يقتضي أنه لا يدل مع ذلك على معنى في غيره ، بل قد يشترك مع الحرف في الدلالة على معنى في غيره ، ويخالفه في الدلالة على معنى في نفسه ، وأسماء الشرط وإن دلت على معنى في غيرها فلها معان في أنفسها. ألا ترى أنك إذا قلت : «من يقم أقم» ، أحدثت «من» في الفعل الشرط ، وهي مع ذلك واقعة على من يعقل. وقولي : «ولا تتعرض ببنيتها للزمان» يحترز من الفعل ، ولا يعترض على ذلك بأمس وغد ولا بالصبوح والغبوق وأمثال ذلك فيقال : هي أسماء وقد تعرضت لزمان ، ألا ترى أن «أمس» يعطي اليوم الذي قبل يومك ، و «غدا» يعطي اليوم الذي بعد يومك ، و «الصبوح» يدل على «الصباح» و «الغبوق» يدل على «العشي»؟ لأنها لم تتعرض ببنيتها للزمان بل وضعها لذلك ، ألا ترى أنها لا تتغير أبنيتها للزمان ولا يلتفت إلى اعتراض الفارسي على هذا الحد بعدم المنع ، واستدل على ذلك بأن يفعل لا يتعرض ببنيته للزمان لأنه متردد بين الحال والاستقبال لأنّ «يفعل» قد تعرض ببنيته للدلالة على أن الزمان ليس ماضيا ، فهذا حدّ صحيح لا مطعن فيه أكثر من الإتيان بـ «أو» التي ليست من الألفاظ المستعملة في الحدود.
وإن شئت قلت في حدّ الاسم ، حتى تسلم من الاعتراض : الاسم لفظ يدلّ على معنى في نفسه ولا يتعرض ببنيته للزمان ، ولا يدلّ جزء من أجزائه على جزء من أجزاء معناه.
فقولي : «لفظ» ، جنس للاسم والفعل والحرف ، ويدخل تحت ذلك تأبّط شرّا وبابه لأن اللفظ يقع على ما قلّ وكثر. وقولي : «يدلّ على معنى في نفسه» ، يحترز من الحرف كما تقدم ، وقولي : «ولا يتعرض ببنيته للزمان» ، يحترز من الفعل كما تقدم أيضا. وقولي : «ولا يدل جزء من أجزائه على جزء من أجزاء معناه» ، يحترز من الجملة مثل «زيد قائم» ، فإنها بأسرها تدل على معنى في نفسها ولا تتعرض ببنيتها للزمان ، ألا ترى أن الجزء منه وهو