وقولنا : «من جهة المعنى لا من جهة اللفظ» ، لأنّه لو نوى بالأول الطرح لفظا ولم يعتدّ به أصلا لما جاز مثل : «ضربت زيدا يده» ، إذ لو لم يعتد بزيد لم يكن للضمير في «يده» ما يعود عليه.
[٢ ـ أقسام البدل] :
والبدل ينقسم ستة أقسام : ثلاثة اتفق النحويون على جوازها وورد بها السماع ، واثنان جائزان في القياس ولم يرد بهما سماع ، وواحد ورد به السماع إلا أن النحويين اختلفوا فيه ، هل هو من هذا الباب أم من باب العطف.
فالثلاثة التي ورد بها السماع هي بدل الشيء من الشيء ، وهو أن تبدل اللفظ من اللفظ بشرط أن يكون اللفظان واقعين على معنى واحد ، ومنه قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) (١). والصراط الثاني هو الأول.
وبدل البعض من الكلّ ، وهو أن تبدل لفظا من لفظ بشرط أن يكون الثاني واقعا على بعض ما يقع عليه الأول ، نحو قولك : «ضربت زيدا يده» ، ومنه قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (٢). فـ «من» بدل من «الناس» وهو واقع على بعض ما يقع عليه الناس ، لأنّ الناس منهم المستطيع وغير المستطيع.
وبدل الاشتمال وفيه خلاف بين النحويين ، فمنهم من رأى أنّ بدل الاشتمال هو أن تبدل اسما من اسم بشرط أن يكون الثاني صفة من صفات الأول وهو مذهب الزجاج ، نحو قولك : «أعجبني عبد الله علمه» ، ألا ترى أنّه قصد الاشتمال على بدل المصدر من الاسم.
وذلك فاسد ، لأنّهم يقولون : «سرق عبد الله ثوبه» ، والثوب ليس بمصدر. ومنهم من رأى أنّ بدل الاشتمال هو أن تبدل اسما من اسم بشرط أن يكون الثاني مشتملا على الأول
______________________
(١) الفاتحة : ٦ ـ ٧.
(٢) آل عمران : ٩٧.