[٢ ـ الفرق بينه وبين التوكيد] :
والفرق بينه وبين التوكيد الذي هو من أقسام التوابع بين جدّا ، إذ التأكيد قد وضعت له العرب ألفاظا مختصة به لا يجوز أن يكون بغيرها.
[٣ ـ الفرق بينه وبين البدل] :
ومما يتبيّن به الفرق بين عطف البيان والبدل والنعت أنّ نعت المعرفة قصدك به إزالة الاشتراك العارض في المعرفة بصفة معهودة بينك وبين مخاطبك ، فإذا قلت : «قام زيد العاقل» ، فكأنّك قلت : قام زيد الذي بيني وبينك العهد في أنّه عاقل ، وكذلك إذا وقع النعت بغير ما فيه الألف واللام يكون على معنى ما فيه الألف واللام. وإذا قلت : «قام زيد صديق عمرو» ، فكأنك قلت : قام زيد الذي بيني وبينك العهد في صداقته لعمرو.
وعطف البيان إنما يقصد به إزالة الاشتراك العارض في الاسم بما هو أشهر من الأول من غير أن يكون بينك وبين المخاطب عهد في ذلك. فإذا قلت : «قام أبو حفص عمر» ، فكأنه لما وقع الاشتراك في «أبي حفص» أزلته عنه بعطف «عمر» الذي هو أشهر منه في حق المخبر عنه إلّا أنّه لم يكن بينك وبين المخاطب عهد في أنه يسمّى «عمر» بل اخترت لشهرة عمر أن تعلم منه من تعني بأبي حفص.
وأما البدل فإنّ القصد بذكره لما وقع الاشتراك في المبدل منه أن تعتمد عليه في البيان وتجعل الأول كأنك لم تذكره.
ومما يظهر به الفرق بين عطف البيان والبدل في اللفظ اسم الفاعل المعرّف بالألف واللام المضاف إلى ما فيه الألف واللام إذا أتبع ما أضيف إليه اسما ليس فيه الألف واللام ، نحو قولك : «هذا الضارب الرجل زيد» ، فإنه قد يجوز ذلك على عطف البيان ولا يجوز على البدل ، وذلك أنّ البدل في نية أن يباشر العامل ، فلو جعلته بدلا للزم أن يكون على تقدير :
هذا الضارب زيد ، ولا يجوز إضافة اسم الفاعل إلى ما ليس فيه الألف واللام ، ولا يؤدي إلى ذلك في عطف البيان ، ومن ذلك قوله [من الوافر] :
١٩٦ ـ أنا ابن التارك البكريّ بشر |
|
عليه الطّير ترقبه وقوعا |
______________________
١٩٦ ـ التخريج : البيت للمرار الأسدي في ديوانه ص ٤٦٥ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٢٨٤ ، ٥ / ١٨٣ ، ـ