وزعم ابن درستويه أنّ «نصحت لزيد» من باب ما يتعدّى إلى مفعولين : أحدهما بنفسه والآخر بحرف الجرّ ، وأنّ الأصل : «نصحت لزيد رأيه» ، واستدلّ على ذلك بأنه منقول من قولك : «نصحت لزيد ثوبه» ، بمعنى : خطته ، فشبّه إصلاح الرأي لزيد بخياطة الثوب ، لأنّ الخياطة إصلاح للثوب في المعنى ، فكما أنّ نصحت من قولك : «نصحت لزيد ثوبه» ، بمعنى : خطته من باب ما يتعدّي إلى مفعولين : أحدهما بنفسه والآخر بحرف جرّ ، فكذلك ما نقل منه ، ثم حذف المفعول الذي يصل إليه بنفسه لفهم المعنى ، ألا ترى أنك إذا قلت : «نصحت لزيد» ، معناه : نصحت لزيد رأيه.
وهذا فاسد لأنّه دعوى لا دليل عليها ، ولو كان كما ذهب إليه لسمع في موضع من المواضع : «نصحت لزيد رأيه» ، فتوصل «نصحت» إلى منصوب بعد المجرور ، فإذ لم يسمع ذلك دليل على فساده.
[٣ ـ أقسام الفعل المتعدّي إلى اثنين] :
والذي يتعدّى إلى اثنين ينقسم إلى قسمين : قسم يتعدّى إلى مفعولين بنفسه ، وقسم يتعدى إلى مفعولين : أحدهما بنفسه والآخر بحرف جر ، فالذي يتعدى إلى اثنين بنفسه ينقسم قسمين : قسم يجوز فيه الاقتصار على أحد المفعولين ، وقسم لا يجوز فيه ذلك ، فالذي لا يجوز فيه الاقتصار على أحد المفعولين هو «ظننت» ، إن لم تكن بمعنى «اتهمت» ، و «علمت» إذا لم تكن بمعنى «عرفت» ، و «حسبت» ، و «زعمت» ، و «خلت» ، و «رأيت» ، إذا كان بمعنى «ظننت» أو بمعنى «علمت» ، و «وجدت» بمعنى «علمت» ، و «أعلمت» ، و «أريت» ، و «أنبأت» ، و «نبأت» ، و «أخبرت» ، و «خبّرت» ، و «حدّثت» إذا كانت بمعنى «أعلمت».
وزاد بعض النحويين في هذه الأفعال : «هب» بمعنى «ظنّ» ، و «ألفى» بمعنى «وجد» ، و «عدّ» بمعنى «حسب» ، نحو : «هب زيدا شجاعا» ، و «ألفيت زيدا ضاحكا» ، و «عددت زيدا عالما» ، ولا حجة في شيء من ذلك لأن «شجاعا» و «ضاحكا» و «عالما» أحوال ، والدليل على ذلك التزام التنكير فيها ، لا تقول : «هب زيدا الشجاع» ، ولا «ألفيت زيدا