فليس بإلغاء وإنّما هو على الحكاية ، ألا ترى أنّ المعنى : سمعت هذا الكلام الذي هو الناس ينتجعون غيثا ، فليس معنى : «سمعت زيد يتكلم» ، على هذا المعنى : «سمعت زيدا يتكلّم» ، لأنّك إذا رفعت ، فالمسموع هذا الكلام الذي هو زيد يتكلّم ، وإذا نصبت فالمسموع ليس هذا اللفظ الذي هو «زيد يتكلم» ، فلو كان إلغاء لكان معناهما واحدا ، كما أنّ قولك : «ظننت زيدا قائما» ، و «زيد ظننت قائم» ، لا فرق بينهما ، وأيضا فإنّ الفعل لا يلغى في أول الكلام.
والذي يجوز فيه الاقتصار على أحد المفعولين كلّ فعل يتعدّى إلى مفعولين ، الأول منهما فاعل في المعنى ، نحو : «كسوت زيدا ثوبا» ، و «أعطيت عمرا درهما» ، ألا ترى أنّ «زيدا» و «عمرا» آخذان في المعنى للثوب والدرهم.
والقسم الذي يتعدّى إلى مفعولين أحدهما بنفسه والآخر بحرف الجر ، ما عدا ذلك من الأفعال الطالبة لمفعولين ، نحو : «أمرتك بالخير».
والذي يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين : «أعلم» ، و «أرى» المنقولان من «علم» و «رأى» المتعدّيان إلى مفعولين ، و «أنبأ» ، و «نبّأ» ، و «أخبر» ، و «خبّر» ، و «حدّث» إذا ضمنت معنى «أعلمت».
______________________
ـ اللغة : انتجعه : قصده طلبا للمعروف. الغيث : المطر ، وهنا العطاء. صيدح : اسم ناقة الشاعر. بلال : اسم ممدوح الشاعر.
الإعراب : سمعت : فعل ماض ، و «التاء» : ضمير في محلّ رفع فاعل. الناس : مبتدأ مرفوع. ينتجعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، و «الواو» : ضمير في محلّ رفع فاعل. غيثا : مفعول به منصوب. فقلت : «الفاء» : عاطفة ، «قلت» : فعل ماض ، و «التاء» : ضمير في محلّ رفع فاعل. لصيدح : جار ومجرور متعلقان بـ «قلت». انتجعي : فعل أمر ، و «الياء» : ضمير في محلّ رفع فاعل. بلالا : مفعول به منصوب.
وجملة «سمعت» : ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «الناس ينتجعون غيثا : في محل نصب مفعول به. وجملة «ينتجعون» : في محلّ رفع خبر المبتدأ. وجملة «قلت» : معطوفة على جملة «سمعت». وجملة «انتجعي» : في محل نصب مقول القول.
الشاهد فيه قوله : «سمعت الناس» حيث جاءت الحكاية ملفوظة ، أي أن القول الذي سمعه هو (الناس ينتجعون غيثا).