فأتى مع ذكر المفعولين بـ «ذاك» ، ولو كانت إشارة إلى المفعولين لم يحتج إلى ذكره مع المفعولين ، وهما «صحابتيك» و «قليل» ، فدلّ ذلك على أنّ ذاك إشارة إلى المصدر ، وهذا البيت من قبيل ما ذكرنا من قبل أنّه يجوز الإلغاء مع تأكيد الفعل بالإشارة إلى المصدر.
وقد ردّ الفارسي أيضا على المازني بأنّه لو جاز أن يكون ذاك إشارة للمفعولين مع هذه الأفعال لجاز مع عدمها ، فكنت تقول في جواب من قال : «هل زيد قائم»؟ ذاك ، أي : زيد قائم ، فامتناع العرب من ذلك دليل على فساد مذهبه.
وللمازني في الانفصال عن هذا بأنّ جعل العرب لفظا بدلا عن لفظ ليس بقياس ، ولو كان قياسا لجاز أن تناب «أنّ» واسمها وخبرها مناب اسمين في مثل : «لعلّ أنّ زيدا قائم» ، فامتناع العرب من ذلك والنحويين دليل على أنّ ذلك ليس بقياس ، لكن الذي يفسد مذهبه ما قدمناه.
[٨ ـ التعليق في أفعال القلوب] :
وانفردت أفعال القلوب بالتعليق وهو ترك العمل لموجب يمنع منه. والمانعات أن تدخل على المفعولين همزة الاستفهام ، أو يكون المفعول بنفسه اسم استفهام ، أو مضافا إليه اسم استفهام ، أو تدخل عليه لام الابتداء ، أو «أنّ» وفي خبرها اللام أو «ما» النافية ، فهذا كلّه لا يجوز معه إلّا التعليق ، أو يكون الاسم مستفهما عنه في المعنى. ويجوز فيه أن يعلق عنه الفعل بالنظر إلى معنى الاستفهام وأن يعمل بالنظر إلى المعنى.
فمثال دخول همزة الاستفهام عليه : «علمت أزيد في الدار أم عمرو» ، ومثال كونه اسم استفهام : «علمت أيّهم في الدار» ، ومثال كونه مضافا إلى اسم استفهام : «علمت أبو أيّهم
______________________
ـ وجملة «إنك مللت صحابتي» : استئنافية لا محل لها. وجملة «مللت صحابتي» : في محل رفع خبر. وجملة «يا عمرو» : ابتدائية لا محل لها.
والشاهد فيه قوله : «صحابتي ... وإخال ذاك قليل» حيث جاء اسم الإشارة «ذاك» إشارة إلى المصدر وليس نائبا مناب مفعولى «إخال».