معلوم من المسافة ، نحو : ميل ، وفرسخ ، وبريد.
[٩ ـ أقسام الحال] :
والحال تنقسم قسمين : مؤكّدة ومبيّنة ، فالمبيّنة هي التي تفيد من المعنى ما لا يفيده الكلام الذي تكون فيه ، نحو : «جاء زيد ضاحكا» ، ألا ترى أنّه لو لم تجىء بـ «ضاحك» لم يكن قولك : «جاء زيد» ، مفيدا معناه.
والمؤكّدة : هي التي يعطي معناها الكلام الذي تكون فيه ، نحو قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) (١) ، ألا ترى أنّه لو لم يذكر «رسولا» لكان قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ) يعطي معناه.
واعلم أنّ الأفعال كلّها تتعدّى إلى جميع المصادر والظروف من مبهم ومختص ومعدود وإلى ضربي الحال المؤكّدة والمبيّنة بنفسها ، إلّا ظروف المكان المختصّة ، فإنّ الفعل لا يصل إليها إلّا بواسطة ، نحو : «قمت في الدار» و «قعدت في المسجد» ، لا يقال : «قمت الدار ولا قعدت المسجد» ، وكذلك حكم كل ظرف مكان مختص ، إلا أنّ العرب شذّت من ذلك في نحو : «ذهبت» مع الشام ، و «دخلت» مع كلّ ظرف مكان مختص.
وزعم أبو الحسن أنّ «دخلت» متعدّية إلى مفعول به ، وأنّ الدار وأشباهها منصوب بعدها على أنّه مفعول ، والذي حمل على ذلك اطراد وصول «دخلت» إلى ما بعدها بنفسها ، نحو : «دخلت المسجد» ، و «دخلت الحمّام» ، فجعلها من قبيل ما يتعدّى بنفسه ، لذلك فـ «البيت» بعد دخلت ـ عنده ـ منصوب على حدّ انتصابه بعد «هدمت» ، ولم يجعل : «دخلت البيت» ، من قبيل : «ذهبت الشام» ، لقلّته.
وهذا الذي ذهب إليه فاسد من غير جهة.
وذلك أنّ «دخلت» نقيض «خرجت» ، و «خرجت» غير متعدّ ، فكذلك نقيضه ، لأنّ النقيض يجري كثيرا مجرى ما يناقضه ، ألا ترى أن زيادة الألف والنون تدلّ على الامتلاء
______________________
(١) النساء : ٧٩.