القيام خاصة. وقول من قال : «إنّما جاز ذلك في الضرورة» فاسد لأنّه ليس من أحكام الضرائر أن يجوز بسببها الكلام الذي لا يفيد.
وأما سيبويه فلم يشترط في الابتداء بالنكرة أكثر من شرط واحد وهو أن يكون في الإخبار عنها فائدة ، لكن النحويين تتبعوا المواضع التي يكون الإخبار فيها عن النكرة مفيدا فوجدوا ذلك منحصرا فيما ذكرنا.
إلّا أنّه يدخل على سيبويه إجازة مثل «رجل في الدار» ، لأنّ فائدته وفائدة : «في الدار رجل» ، واحدة ، وهو مع تقديم الظرف جائز فينبغي أن يجوز مع تأخيره ، وقد أجمع النحويّون قاطبة على أنّ ذلك لا يجوز ، وأنّه ليس بمسموع من كلام العرب. وإنّما لم يجز ذلك وإن كان فيها فائدة لما علل به الكسائي من اللبس. وذلك أنّك لو قلت : «رجل في الدار» ، لم يعلم هل المجرور صفة أو خبر ، لأنّ النكرة إذا جاء بعدها الظرف والمجرور فينبغي أن يحملا على الصفة لأنّ النكرة لإبهامها محتاجة إلى النعت.
فإن قيل : فينبغي على هذا أن لا يجوز : «زيد القائم» ، لئلا يؤدّي إلى اللبس ، لأنّه يحتمل أن يكون «القائم» نعتا ، فالجواب : إنّ النكرة أحوج إلى النعت من المعرفة فلذلك كان اللبس إليها أسرع منه إلى غيرها.
وقد يجوز على هذا أن يدخل في امتناع «رجل في الدار» بحث عموم قول سيبويه : إنّه لا يخبر عن النكرة إلا حيث يكون في الإخبار عنها فائدة ، لأنه إذا أدّى إلى اللبس صار غير مفيد ، لأنّه لا يعلم المراد به.
[٣ ـ أقسام الخبر] :
وأما الخبر فينقسم قسمين : مفرد وجملة. فالمفرد ينقسم ثلاثة أقسام : قسم هو الأول نحو : «زيد قائم» ، فزيد هو القائم والقائم زيد.
وقسم منزّل منزلة الأول ، نحو : «زيد زهير شعرا» ، فزيد ليس هو بزهير ولكنه مشبه به ومنزل منزلته.
وقسم موضوع موضع ما هو الأول ، نحو : «زيد عندك» ، و «زيد في الدار».